(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها).. في هذه الآية الكريمة بيّن الله تعالى المعنى العظيم في تأدية الأمانة إلى أهلها، والتي تضمنت تأدية مهنة الطب على أكمل وجه من الأمانة المهنية والالتزام بالمبادئ الأخلاقية الحميدة.
إن مهنة الطب احتوت على مبادئ وأخلاق مهنية رفيعة متعارف عليها دولياً ومحلياً، وقد وجب ذكرها وتذكيرها لكوكبة أطبائنا المحترمين، فلعل ذلك يسهم في تقوية مناعة الأطباء من الوقوع في الأمراض الأخلاقية، فأول هذه المبادئ هو العمل في بناء الثقة الوطيدة مع المرضى والشفافية في التواصل وإبداء المعلومات لهم، كذلك الالتزام بحفظ خصوصية المرضى ومراعاة سرية معلوماتهم ومساعدتهم في اتخاذهم للقرارات المناسبة مع احترام القيم والمعتقدات التي يحملونها، إضافة إلى ذلك على الأطباء تقديم أفضل سبل الرعاية الصحية للمرضى وإيجاد الطرق السوية لموازنة مسؤولياتهم الطبية تجاه أصحاب المصالح مثل بعض شركات الأدوية دون التأثر على أي من الحوافز المادية أو المعنوية، فبئس الطبيب الذي يقدم وينجرف تحت مصالحه الشخصية على حساب صحة المرضى.
مهنة الطب من أعظم المهن البشرية، ليس في مجتمعنا فحسب بل في كل المجتمعات، فلطالما تميزت هذه المهنة عن المهن الأخرى بالرحمة والعطاء والإنسانية، فكثير من طلبتنا اغتربوا لتعلم الطب، وآخرون شدوا رحالهم لتلقي العلاج من أطباء متخصصين، ورغم عظم هذه المهنة لا يخفى على أحد أن كثيرا من منتسبيها في مجتمعنا اليوم قد جرفوها إلى غير مقاصدها النبيلة، فلا تمر بضعة أسابيع إلا ويستيقظ المجتمع على حدث يهز شرف هذه المهنة، ففي بداية السنة الحالية اندلع صراع بين طبيبين، أحدهما وزير وآخر وكيل وزارة، بسبب داء المنصب والسلطة، وفي الأسابيع القليلة الماضية انتشر خبر تخاصم طبيب مع آخر بسبب عملية نصب وداء الجشع المالي، حيث انتهت بحبس أحدهما خلف القضبان تحسبا لأخذ الإجراءات القانونية، وبالأمس القريب، بكل أسف، انتشر خبر وفاة وافد مصري لعدم إجراء العملية المطلوبة من قبل الأطباء المعنيين لأنه لم يتمكن من دفع رسوم العملية بعد تعرضه لجلطة قلبية! نعم، فقد انتشر داء التشبث بالسلطة والمال على الكثير من أطبائنا، وقارب أن يدق ناقوس هذا الوباء.
فهل أصبحت مهنة الطب عبارة عن كسب مال ووجاهة أم مازالت مهنة إنسانية؟! @9ale7_Alsar7an