-
هل حراسة الحديقة.. ذنب..والخوف على أزهارها.. جريمة وتقليم أغصانها وتهذيبها عار؟!
-
هل كان زلزالا «هاييتي» و«تشيلي» رسالة من تحت الأرض؟
-
بقي 30 شهراً فقط وتنتهي الحياة على الأرض
-
البشر يتمسكون بالحياة علـى علاتهـــا ومآسيها
-
الإنسان يرفض الموت حتى وإن كان طريقه للخلاص
حارس الحديقة
كان بدمعه.. يحرس الحديقة..
بجسده المطحون.. وبقلبه القطني الطري الهش، كان يحرس الحديقة..
يشذّب أغصانها النافرة..
يرعى ورودها..
يضحك قلبه.. كلما ماست أزهارها وهي تودّع نهاراتها المنسحبة..
في الليل.. تنام عيونها.. تطبق أوراقها على أوراقها.. بينما عيناه تنشغلان في وجل ليلي عليها.
> > >
كان ذنبه.. أنه كان يحرس الحديقة..
حراسة الحديقة.. ذنب..؟!
الخوف على أزهارها.. جريمة..؟
تقليم الأغصان وتهذيبها.. عار يلحق بحارس الحديقة؟!
> > >
دار الزمن دورته..
نما الشوك في ثنايا الحديقة..
اندس تحت خدود الورد..
أدمى يدي حارس الحديقة..
بكى.. حارس الحديقة.. حديقته..
يئس..
حزن..
غاب في الحزن كثيرا..
أيامه بلا شموس..
ولياليه.. غارت أقمارها في سماء سوداء تلتهم الأقمار..
> > >
كيف نما الشوك.. واندس بين وريقات الوردة؟
كيف انتفخ الورد.. بشوكه؟!
خانت الحديقة حارسها، أم نام الحارس عن حراسة حديقته..
ملّت الحديقة.. حارسها..
تواطأت مع الشوك.. وأغرته كي يندس بين زهورها وورودها..
ظنّت أن الشوك.. هو حارسها الحقيقي.. فأسلمته مهمة الحراسة.. وكسرت عين الحارس..
> > >
بكى ورد الحديقة..
كبر الشوك.. احتدّ.. أدمى وريقات الورد التي تحتضنه
لم يستطع حارس الحديقة إنقاذ الورد من شوكه المغروز في ثناياه..
كره الورد الذي خانه..
وكره الشوك أكثر..
امتلأ قلبه بكره أسود مزدوج..
اعتزل حراسة الحديقة..
وراح يزرع حديقة لا تخون حارسها..
شيخوخة أمنا الأرض
هل شاخت الأرض.. وعجزت، وملّت وطء البشر وأثقالهم على أديمها الطري اللين؟!
العلماء.. والفلكيون.. والمنجمون ـ أو بعضهم على الأقل ـ يؤكدون ان الحياة على الأرض، ستنتهي في عام 2012، وحددوا يوما معينا لذلك.
انه يوم الهول العظيم الذي ستتقوض فيه الارض وتبتلع اهلها.. وتجور البحار وتنهد الجبال.. وتصارع فيه الطبيعة نفسها.
ولسوف تنتهي الحياة على كوكب الارض، في ذلك اليوم القريب والذي لا يفصلنا عنه سوى ثلاثين شهرا تقريبا.. وبعد ذلك سيسدل الستار على كل ما هو حي ونابض وقائم على هذه الارض.. التي خلقنا منها.. وإليها نعود..
تراب في تراب..
> > >
ولا عزاء لأحد
البشر الاحياء في ذلك اليوم سيتمنون لو أنهم ما عاشوا حتى ذلك اليوم الرهيب المخيف، ولو انهم ماتوا ميتة سليمة كما مات الذين قبلهم، بهدوء وسلام ورقدوا في قبورهم محمولين اليها بأيدي محبيهم.. ومشفوعين بدموعهم، مودعين بالحب وبالعزاء الذي يتقاطر عليه المحبون والمواسون والمعزون يفصحون عن مواساتهم ويترحمون على من مات.
أحياء ذلك اليوم.. لن يحسدهم أحد على طول اعمارهم التي طالت حتى ذلك اليوم ـ مستعينين ـ لتطويل اعمارهم، بالتداوي وبصرف الاموال الطائلة على المستشفيات والاطباء والجراحات، حتى يتمكنوا من تمديد اعمارهم، وهم لا يدرون ماذا يخبئ لهم المستقبل، ولسوف يندمون أنهم لم يستسلموا للموت ويسلموه أوراقهم ليرقدوا في قبورهم بسلام ودون هول ورعب وطبيعة تزمجر وارض تقذف حممها.. وسماء ترسل الصواعق والحوارق..
يومذاك.. سيندم الاحياء الذين لا مفر لهم من موت لن يكون رحيما بهم، وكأنه يحاسبهم على ذلك العمر الذي اقتنصوه من زمن ما ظنوا انه سيغدر بهم مثل هذا الغدر وسيغتالهم في يوم لن يترحم عليهم احد ولن يدفنهم احد.. ولن يقيم لهم أحد العزاء..
الدافنون ميتون.. والمعزون ميتون.. والتراب نفسه سيكون ميتا في ذلك اليوم.
> > >
رسالة من تحت الأرض
هل كان زلزال «هاييتي» ثم زلزال «تشيلي» رسالة واضحة مرسلة من ذلك اليوم الاسود الحامل الموت للبشرية وللارض ومن عليها وما عليها، حتى يقرأها الناس بفهم ويوقنوا ان ذلك اليوم قادم لا محالة..؟!
وربما نشهد في مقبل الأيام والشهور زلازل اخرى اكثر هولا مما حدث في «هاييتي» و«تشيلي» وكوارث طبيعية اشد هولا من الزلازل.
حسب العلماء، فإن زلزال «تشيلي» الاخير حرك العاصمة ثلاثة امتار عن موقعها، وحرك كذلك وبمسافات مختلفة مدنا اخرى في دول قريبة.
ولنا ان نتخيل ماذا يمكن ان يحدث اذا تكررت تلك الزلازل وفي أوقات متقاربة وبقوة مضاعفة وبأماكن متفرقة على سطح الكرة الارضية!
التخيل هنا صعب وعسير على العقلية البشرية، فليست كل التصورات سهلة، وليس التخيل لرصد الواقع او معرفته يسيرا.
ان العقلية البشرية لتعجز عن تصور ماذا سيحدث، وكل ما نستطيع الاعتماد عليه في هذا السبيل، والاستدلال من خلاله، هو آراء العلماء، ودراساتهم واستنتاجاتهم، وقلّما تخطئ تلك الاستنتاجات او تطيش بعيدا.
هذا ليس للتخويف والتهويل ولزرع الرعب في النفس البشرية التي فُطرت على حب البقاء وكره الموت والهروب منه بشتى الصور.
في إحدى السنوات وكنت أعبر أحد ميادين القاهرة المكتظة والمزدحمة، شاهدت رجلا مسنا طاعنا أنهكه الفقر ورسم علاماته على وجهه، وكان يرفع لوحة مكتوبا عليها «أنا مريض بالسرطان فساعدوني للعلاج»!
حتى هذا الإنسان الذي لم ترحمه الحياة وصيّرته للعوز وللفقر وللمرض، مازال متمسكا بالحياة وبحبالها ورافضا للموت، رغم أنه موقن أنه حتى في حال سلامته وتشافيه من السرطان، فإنه سيعود سيرته الأولى، إلى الفقر والعوز والحاجة والتشرد، ولكن حب الحياة غريزة مزروعة في الكائنات الحية كلها وليس في البشر فقط. حتى الحشرات الضئيلة الصغيرة، تحاول الفرار من الموت وتتمسك بالحياة.
لذلك فإن ما أكتبه هنا ليس تخويفا ولا أقصد من ورائه زرع اليأس في صدور الناس، وما كنت – في كل ذلك – إلا ناقلا لما قاله العلماء وتنبأوا به، وقد يصدقون وقد لا يصدقون، مهما كانت حساباتهم دقيقة وعلمية.
ولكن حاولت مما أوردت، استخراج صورة نخبئها – نحن البشر – في رؤوسنا عن فلسفة الحياة والموت، وكيف نتشبث بالحياة على علّاتها ومآسيها، ولا يخلو إنسان من ظرف حرج أو سيئ مر عليه في حياته، ورغم ذلك فإنه يفضل الحياة على الموت، حتى وإن كان الموت هو المخلّص الوحيد له من ظرفه السيئ الذي يعيشه.
> > >
خاتمة الأحزان
إن صدقت استنتاجات العلماء ونبوءاتهم، فلنقل مبكرا ومادمنا أحياء «رحمنا الله.. وعظّم الله أجرنا وأسكننا فسيح جناته».
آمين..!
مدن الصمت
في المدينة الخرساء..
أتكلم بلا صوت..
وفي المدينة العمياء..
أكتب بلا حروف..
وأرسم على الهواء وجهي لمن لا يراه..
وفي المدنية الصاخبة..
أشرب بكؤوس ملّت دبق الشفاه..
وأهمس لرؤوس.. بلا آذان..
وفي المدينة الميتة..
أدعو.. بطول العمر.. لمن مات..
وأحرق البخور.. في جنائن الموت..
وأتشح بالسواد.. في ليالي العرس..
فيا أيتها المدن الخرساء والعمياء والميتة..
سدي في وجهي.. بابك..
وانبذيني..
هكذا.. أريد أن أكون ملعونا..
في مدن تسكنها الأصنام..
[email protected]