صالح الشايجي
يقع المسـجـد الأقـصى ضـمن الحـدود المـطالب بهـا من الأراضي الفلسطينية. سياسيـا وجغرافيا هو في هذا الإطار لا غـير، ولـكن له منزلة دينيـة لدى المسلمين كـونه القـبلة الأولى لهم في صلاتهم ومسرى النبي محـمد( صلى الله عليه وسلم ) في معجزة الإسراء والمعراج.
هذه القدسيـة التي يحظى بها «الأقصى» لا يتعامل مـعها المسلمون بجدية تتفق وتلك المكانة السـامية له في نفوسهم وتاريخـهم، بل حـولوه ـ مع الأسف ـ إلى مجـرد شـماعـة يعلقون عليـها بعض مشاكلهم، وجـعلوا منه ذريعة للبكاء والنكوص والـتـراجع، أو للـتنفـيـس وإحـداث الفــوضى والشغب والعنف، بسبب تراكمات معيشية أو سياسية لهم في بلدانهم.
وفي الكويت انطلقت حملة تسمى «حملة المليون توقيع» مناصـرة للأقصى وداعيـة إلى تحريره وإعـادته إلى سلطة المسلمين، رغم انـه مازال تحـت سلطة المسلمين ويقـومـون بالصلاة فيه!
أرى أن مـثل تلك الحملـة «المليونيـة» هي مـجرد حـملة دعائيـة شكلية لا تعود على الأقـصى بأي قيمة ولا تسـاعد على خدمة قضـية الأراضي الفلسطينية التي هي لب المشكلة بين الفلسطينيين والإسـرائيليين، وهذا لا ينفي خـصوصـية الأقصى.
هذه الحـمـلة المليـونيــة انطلقت من الـكويت، وربما أن الكويت ليست ككثـير غيرها من البلاد العـربية التي تعاني شعوبهـا من مشكلات سياسيـة أو اقتصادية أو معيـشية، فتسير المظاهرات «نصرة للأقصى» أو «احتجاجا على إعدام صدام حسين» أو لأي سـبب آخر، بل أن الكويت ـ على عكس تلك البلدان ـ مـستقـرة ماليـا ومعـيشيـا وتنعم بشيء من الاستقرار السياسي، فـلماذا إذن تنطلق تلك الحملة المليونية الشكلية فيها ومنـها؟!
نتمنى لو أن منظمي تلك الحملة من الكويتيين التفتوا إلى داخل البـلاد، ونظموا حـملة مليـونيـــة تدافع عن حقـوق الإنسان في الكويت ضـد حرمانه من كثيـر من حرياته التي كفلهـا له الدستور، وضـد تجاوزات مجلس الأمـة وقوانينه المقيدة للحريات واستجابة الحكـومة وصغرها وقلة حيلتها أمام مجلس الأمة، وما إلى ذلك من مشكلات وقضـايا يعاني منها الإنسان في الكويت وبالذات الإنسان الكويتي!
أما الأقصى «فإن له ربا يحميه».