واضح أننا نعاني مما يمكن تسميته بـ «غياب المبدئية» وعدم الالتزام بالمبدأ والتفلت مما نؤمن به، ويتجلى ذلك في التشكيلات الوزارية التي تأتي دوما على شاكلة «القرقيعان» أو بناء على تركيبة «لبن سمك تمر هندي»، أو تركيبة توفيقية استرضائية تمزج بين تيارات سياسية وقبلية وطائفية، وغالبا ما يكون الاسترضاء شاملا ما يسمى بالتيار الليبرالي أو التقدمي والقائم على فكرة المعارضة الفكرية والرفض للقوانين اللادستورية.
ولكن الملاحظ أنه ما أن «يطق التشكيل الجديد طبله» حتى يتراقص الليبراليون ويقولوا «أنا قبله»، أو كما قالت الصبوحة - شفاها الله - «أنا هنا هنا يابن الحلال لاعايزة جاه ولا كتر مال».
وليسمح لي السادة الوزراء موضي الحمود وهلال الساير وأحمد الهارون وأضم لهم مصطفى الشمالي، وهؤلاء هم المحسوبون على التيار الرافض، ولا أقول الليبرالي، حتى لا أقع في فخ التسميات، بأن أسألهم، تحت أي مسوغ يمكنهم تبرير مشاركتهم في الحكومة وفي هذا الواقع السياسي المعيب؟!
والأمر لا يتوقف عند هؤلاء الوزراء فقط بل يشمل من سبقهم ومن سيلحق بهم في وزارات لاحقة.
وهنا يتضح جليا ما أسميه غياب المبدئية وسيطرة الذاتية والفكر الفردي على حساب المبدأ أو الإيمان بفكر جمعي يحاول العمل على تغيير الواقع. إنها وبكل صراحة حالات انسلاخ لا تشهدها الحياة السياسية في بلاد أخرى ونستطيع أن نسميها ابتكارا كويتيا لا نظير له. ثم وما ان يدق جرس النهاية وينفض السامر ويصفر قطار الحكومة مؤذنا بانتهاء الرحلة، حتى يعود «الربع» الى سابق عهدهم ويستخرجوا ألسنتهم السابقة يقرأون مزاميرهم القديمة معلنين اليأس والقنوط حتى يدق طبل الحكومة من جديد و«لعل وعسى».
إن هذا الواقع هو سبب استمرار أزماتنا ولسوف نبقى في هذه البؤرة ما دمنا نعاني من «غياب المبدئية».
[email protected]