صالح الشايجي
مصطلح «الأكثرية الصامتة» الشائع الاستعمال، هو مصطلح ليس دقيقا، فهذه «الأكثرية» هي ليست صامتة لا تعبّر او لا تدلي بآرائها، بل هي تفعل ذلك وتقول، ولكن آراءها لا تُسمع ولا احد يعيرها أذنا مصغية. ويقضي الحق والعدل والإنصاف بقلب تلك الصورة واستحضار هذه الفئة المغيّبة وإشراكها في القرار وفي رسم خطوط الحياة في البلاد.
إن «الأكثرية الصامتة» في كل مجتمع هي خميرة الحياة وقماشتها، فهي تنضجها من ناحية، ومن ناحية اخرى هي التي تشكل رداء المجتمع وعباءته اذا ما احتاج الى شيء من الدفء او الستر، لذلك يعـتبر تهميـــش هذه الفئة إضــــرارا بحقـــها في التعبيـر - اولا - و - ثانيا - يلحق الضرر بالمجتمع لأنه عطّل طاقات وكفاءات وحوّلها الى كمّ من الجمود والخمول والتعطيل، وهذا الوضع من شأنه ان يعطل وتيرة التنمية في المجتمع ويؤدي بطاقاته وكفاءاته الى التفكير بهجرة المجتمع والانعزال او البحث عن حياة اخرى تستوعب ما لديها من طاقة وكفاءة.
إن صبغ المجتمع بصبغة واحدة وبنمط واحد مؤشر خطير الى الطبيعة الاستبدادية لهذا المجتمع والى استعداده للاستسلام والظهور بقالب واحد، يتحدث بلسان واحد ويفكر بالعقل ذاته ويتصرف التصرف عينه، ليبدو أفراد هذا المجتمع وكأنهم مستنسخون من نسخة واحدة، فلا تجديد ولا تغيير ولا إغناء للحياة ولا جديد من الأفكار البانية والمفيدة.
لاشك ان مجتمعنا هو المعني الأول بهذا الأمر، حيث اننا نسير او سُيّرنا الى هذه النمطية السلوكية الواحدة، وإلى تغييب «الأكثرية» بعدم سماع صوتها، وليس لأنها «صامتة» كما يزعم المصطلح.