الصمت سيد، هل هو صمت الخجل أم صمت العار والخيبة؟
لا أظن أن للخجل مكانا في نفوس أصحاب «الحرية» الذين سيروا قوافل الموت إلى أهل غزة وزعموا أنها تحمل الدواء والغذاء، بينما هي محملة بالموت السريع والساحق والماحق وذلك ما اكتشفه أطباء غزة الذين كشفوا المؤامرة وأعلنوا للعالم فساد ذلك الدواء المزعوم وسميّته وخطورته وانتهاء صلاحيته!
هي فضيحة مدوية مجلجلة بكل المقاييس ـ يتحمل مسؤوليتها الوالي التركي ـ وكان الظن أن العالم لن ينام أو يرتاح حتى يقتص من الفاعل ومدبر تلك الجريمة التي لا تجاريها في خستها إلا جريمة صدام حسين باحتلال بلادنا! ولكن ورغم مضي شهر تقريبا على كشف تلك الفضيحة وإبطال مفعول هاتيك الجريمة، فإن أحدا لم يتحرك أو يحرك ساكنا أو يسكّن متحركا صوب الموت!
الحكومة الفلسطينية الشرعية، يبدو أنها تنازلت عن غزة وسلمت مقاليدها لهنية وآمنت بأنها من أملاكه ومقاطعاته الخاصة التي لا يحق لها التدخل في شؤونها، لذلك بلعت لسانها وراحت تلوك الصمت «سيد الأدلة».
وأيضا «هنية» الطامع في العرش الأبدي في «غزة» كف عن الكلام المباح والمتاح خشية من غضبة سيده الوالي التركي!
والجامعة العربية ـ كذلك ـ أصابها «عقر بقر» فسدّت أذنيها وطمست عينيها ومنحت «لسانها العام» إجازة مدفوعة الأجر، وكأنها قد نسيت أن أهل غزة مشمولون برعايتها الكريمة، وأنهم على مرمى حجر من حصنها الحصين، وأنهم لا يريدون رد القضاء ولكن مجرد شجب أو إدانة مما تزخر بهما خزائنها المذهبة!
إن هذا الصمت المريب المثير للشكوك كلها على هذه الجريمة النكراء، هو أمر غريب حقا، ولا يمكن تفسيره أو الرضا به! نريد الحقيقة فقط، هل ما قاله أطباء غزة هو حقيقة أم أنهم متجنون فيما قالوه؟
حتى اسرائيل صمتت، مجاملة لصديقتها تركيا وكذلك لتغض تركيا النظر عن قتل اسرائيل لتسعة أتراك كانوا ضمن المتواجدين في الاسطول.
ثم أين وأين تلك الجحافل البشرية المجحفلة الهدارة الهذارة من الهتيفة وحارقي الأعلام والذين كانت تعج بهم وتضج وتهج شوارع العواصم العربية، كلما قرع تيس «بوش» عنزة «صدام»؟!
ألم ينتعلوا وجوههم ويملأوا شوارع عواصمهم انتصارا لقاذف الحذاء في وجه «المالكي وبوش»؟!
فأين تلك الجماهير «الحرة» من تلك المؤامرة التي كادت ـ لولا لطف اللطيف ـ تقضي قضاء مبرما على كل نفس حية في غزة؟!
وإذا كان الجميع قد لاذوا بالصمت وتستروا به وتغطوا بعارهم وناموا، فإنني من هنا أطالب حكومتنا بالتحرك في اتجاه كشف الحقيقة، فإن لم تفعل ـ وأنا على يقين من ذلك ـ فليس أقل من أن يتقدم أحد النواب الأحرار بسؤال إليها لإجلاء الحقيقة والكشف عن أبعاد تلك المؤامرة الدنيئة ومن يقف وراءها!
[email protected]