إن مشاكلنا هي من الصغر ومن التواضع إلى درجة أنها ليست بحاجة إلى حكمة الحكيم ولا إلى علم العليم، مهما بدت في عيون البعض كبيرة ومهولة، وما هي كذلك.
يقول أبوالطيب المتنبي:
وتكبر في عين الصغير الصغائر
وتصغر في عين العظيم العظائم
فعلينا أن ننظر إلى الأمور بعين العظيم الذي يستهون كبيرات الأمور وعظيماتها وألا نستهول الصغائر ونعظمها فنصغر نحن وتضيع أقدامنا وتزل ونبعد عن جادة الصواب لنتحول إلى الضلال والتيه.
إن الخلاف السياسي ليس من الكبائر ولا هو من الغرائب، بل هو مما اعتادته المجتمعات الحية النابضة الناضجة، ولست أقول إن مجتمعنا بات مثلها وانضم إليها، ولكنه ساع إلى ذلك، وما حدث مؤخرا يؤهله لذلك أو أنه يفضي إلى ذلك، بشرط أن يسود التعقل وتسمو الروح الوطنية لدى الأطراف المشاركة في الاحداث، ولا يغترّنّ أحد بأنه الأحق وأنه حامل ميزان العدل الذي لا يميل قيد شعرة.
باعتقادي أن المظلوم الوحيد في أحداث «الصليبخات» هم أخواننا وأبناؤنا من رجال الأمن فالمعركة ليست معركتهم وليسوا طرفا فيها، وكان على الاخوة المواطنين المشاركين في تلك الندوة وحضورها تجنيب رجال الأمن تلك المواجهة وذلك الاصطدام الذي انفطرت له القلوب ولم يتمن أحد أن يحدث.
كما يجب عدم تصوير ما تم على أنه مواجهة بين السلطة والمعارضة، وذلك لأنه ليس عندنا معارضة برلمانية، بل كل ما هنالك مجموعة من النواب تشاكس الحكومة مجرد مشاكسة ولأجل المشاكسة فقط، ولا ينتظمها عقد سياسي ولا تخضع لأجندة وبرامج وأهداف سياسية، ولا يجمعها توجه سياسي واحد، ولم تفصح عما يكشف عن فهم ووعي وإدراك لمعنى العمل الديموقراطي الحقيقي.
إن مصلحة بلادنا تقتضي أن نكون أكثر تعقلا وواقعية في التعامل مع الاحداث والوقائع السياسية، وأن نتمكن من تجاوز السلبيات وألا نبقى أسرى ما حدث وأن ننقي قلوبنا من الضغينة وتبييت الثأر في الصدور، فما حدث قد حدث بسبب شأن عام، الخلاف حوله وارد ومؤكد، وليس خلافا شخصيا فيه تقصُّد شخصي من شخص لشخص بعينه! ولهذا فلا يرى عاقل تهمه مصلحة البلاد، استمرار الشحن والسير في «درب الزلق» لما في ذلك من خطورة على واقع البلاد ومستقبلها!
[email protected]