صالح الشايجي
لا أعتقد ان المبالغات المهولة والرنانة والطنانة الخاصة بتهاني رمضان والتي تتمثل في اعلانات تنشر على شكل تهنئة او دعوات للتهنئة وفتح الدواوين لاستقبال المهنئين ورص الارصفة باعلانات تحمل معاني التهنئة يقدمها فلان او فلان وغالبا ما يكون هذا «الفلان» عضو مجلس الامة عن هذه المنطقة او عضو المجلس البلدي او الجمعية التعاونية او طامحا للشهرة والوجاهة! لا اعتقد ان هذه الاعلانات تعكس فرحة المهنئين بشهر رمضان كمعنى ديني وبالصوم كفرض على المسلمين!
الصوم هو ركن من اركان الاسلام الخمسة كالشهادتين والصلاة والزكاة والحج، وبالتالي فان الاركان الخمسة متساوية من حيث الاهمية او التأسيس الديني والارتباط بالعقيدة، لذلك لا اجد مبررا ولا مسوغا - حتى شرعيا - واحدا يبرر لاولئك البعض المبالغة والمزايدة في تسجيل رمضان في خانة لوحده دون بقية الاركان والفروض.
تعود جذور خصوصية رمضان الى بعض الثقافات الاسلامية التي سادت في فترة من الفترات نظرا لارتباطه بامتناع الإنسان عن الاكل والشرب طيلة النهار، لذلك فان تلك الثقافة اوجدت نوعا من الطقوس التي تحولت الى «فولكلور» شعبي يحتفي بـ «الافطار»، فبعد ان تشبع المعدة تكون فرحة الصائم بشبعه لا بـ «صومه» بدليل ان تلك الاحتفائية تكون بعد الافطار لا اثناء الصيام النهاري، اضافة الى فرحة الانسان الصائم بتلبية امر ربه بالصيام وامتحان قدرته على تجاوز ساعات الصوم الطويلة.
هذا فضلا عن انه في تلك الحقب التاريخية لم تكن امور الحياة يسيرة ولم يتوافر آنذاك ما يساعد على مظاهر البهجة، لذلك فقد تم اختزال هذه المظاهر في شهر رمضان، مثل استخدام الاضاءة البدائية وانواع الاكل للاستعانة على سهر ليل رمضان والتمتع به، لان السهر في بقية ليالي السنة لم يكن معروفا أو مطلوبا، أو أن هناك ما يساعد عليه!
أما الآن فإن أيام السنة ولياليها باتت يوما واحدا وليلا واحدا متشابها في تفاصيله كافة، وما يدعو او يساعد على السهر متوافر طيلة العام، وليست لرمضان خصوصية معينة في ما يعين على السهر!
يتبقى ان نعطي رمضان حقه الديني ونحترم مساواته ببقية أركان الاسلام، ولا نستخدمه وسيلة لملء الفراغ الاجتماعي، او حجة لتحقيق مكاسب دنيوية، فمن يسمع؟