صالح الشايجي
أكاد اتوقع او اعرف ردود الفعل المستهجنة والمستنكرة والمستغربة - ايضا - التي أصابت منظمات حقوق الانسان وحقوق الطفولة في العالم، وهي تقرأ خبر احتجاز شرطتنا لطفل في العاشرة من عمره، بحجة «مجاهرته بالافطار»!
والغريب ان الجهات المعنية بحقوق الانسان في بلادنا، سواء من منظمات أهلية ذات «نفع عام» أو رسمية مثل وزارة الشؤون ووزارة التربية، مر عليها الخبر وكأن شيئا لم يكن، أو كأنها كانت في خبر «كان»! اي «منصوبة» او «مصلوبة» على اعمدة اللافتات والشعارات التي ترفعها ولا تطبقها!
ان اهانة طفل واحد في المجتمع او ايذاءه هما اهانة وايذاء للمجتمع بأكمله، لان دور المجتمع هو حماية غير القادرين على حماية انفسهم، وعلى رأس تلك الشرائح، الاطفال الذين يتعين على المجتمع حمايتهم!
طفل في العاشرة، لم يبلغ بعد سنّ التكليف ولا بلغ الحلم، ولم يتبين، بعد، الحلال من الحرام، فأي شرع أو شريعة تلك التي تحاكمه وتجرّمه وتسوقه مدحوراً مذلولاً الى محبس لا يرى فيه النور ولا يشم فيه الهواء، لانه «جاهر بافطاره»! وهو الذي، وبحكم عمره،
لا يميز بين «يناير» و«رمضان» أو بين «شوال» و«فبراير»؟!
ان الذين فعلوا فعلهم «الاسود» ذاك، بهذا الطفل، هم اساءوا اول ما اساءوا للدين الاسلامي الذي ادعوا حمايته والحرص على فرائضه، لان الاسلام ليس دينا وحشيا يفترس اكباد الصغار حتى يسوُد ويتسيّد، ولا هو بحاجة لصائم يشيح بوجهه عن الناس وكأنه يمن عليهم بصيامه!
لست بصدد الدفاع عن الاسلام، لانه ليس بحاجة لدفاعي، ولا دفاع غيري، ولكنني أستنهض همم اولئك المدجّجين باللحى الذين تروج ألسنتهم الاسلام ليل نهار، ان كان على المنابر او في الفضائيات، كي يبينوا امر من اساء للاسلام من خلال ايذاء طفل لم يبلغ الحلم جاهر بافطاره!
اين اولئك البانون أمجادهم من استلال عباءة الاسلام عن تلك الجريمة؟! أليست كافية لتحركهم ليردوا جزءا يسيرا من فضل الاسلام عليهم؟!