صالح الشايجي
ثمة حقائق واضحة على الأرض، هي أشبه ما تكون بالشمس في السماء، وضوحا وجلاء.
القبيلة هي مجتمع متنقل مكانا وزمانا، وتاريخا وجغرافيا، ولم تكن القبيلة في يوم من الايام وطنا أو دولة، لافتقارها لعناصر ذينك الكيانين.
ولأبناء القبائل حق الافتخار بالانتماء، ولكن الفخر الاكبر هو بالانتماء الى الوطن والى الدولة.
أما حقائق الأرض التي أشرت اليها في رأس هذه المقالة، فهي مشكلة «البدون» سواء في بلادنا، أو في البلاد الاخرى، فأكثر أولئك «البدون» ينتمون الى قبائل عريقة، لم تنكرهم قبائلهم أو تسحب عنهم أو منهم وشيجة الدم، ولكن ذلك الغطاء القبلي لم يرفع عنهم معاناتهم ولم يدفع عنهم غائلة النهش الحياتي الذي يحيونه، ولا ضيق العيش وضنك الحياة والمعاناة اليومية، كل ذلك بسبب عدم انتمائهم أو تمكنهم من الحصول على هوية الدولة، لا هوية الوطن، لأن «الوطن» لا يمنح هويته لأحد، بل هي اكتساب عاطفي وعقائدي، أما هوية «الدولة» فهي الاثبات للمواطنة، وهي أشبه ما تكون بعقد المبايعة أو الشراكة أو الزواج، وبدونها يضحي الانسان ريشة في مهب الريح.
إذن فإن الدولة لا القبيلة هي التي تحقق للانسان رغد عيشه وكرامته وتعطيه شرعية البقاء والتعريف والهوية، وتحفظ له حقوقه، لذلك فإننا نتمنى أن تصل الرسالة الى أبناء القبائل بتخفيف الاحتقان القبلي واضفاء الصبغات على الانتماء القبلي بشكل يكاد يتقدم على الانتماء للدولة.
ان القبيلة بلا دولة هي معنى عاطفي لا يفي بشيء من احتياجات أبنائها، ولا يحقق لهم الثوابت الحياتية وما يحتاجون اليه في حياتهم المدنية الحديثة! أما بوجود الدولة، فيجب أن ترفع القبيلة راية الاستسلام وتذوب داخل الدولة لتكون احد مكوناتها، لا أن تكون منافسا لها أو كيانا مستقلا داخلها أو على هامشها، كما يحاول البعض من المستفيدين من هذا المعنى للقبيلة، أن يروجوه، فهم يجنون شوكا حيث ظنوا أنهم يحصدون وردا.