من المعيب جدا انسياق النخبة وراء الدهماء والعوام، ففي ذلك زيادة في غواية العوام وتضليل للدهماء.
المحتجون في البحرين أعلنوا أنهم لا يتحركون تحت راية طائفية وليس لهم من مطالب طائفية، وإنما تحركوا لتحقيق مطالب وطنية. ولست في صدد تصديق ذلك أو تكذيبه، ولكنما قصدت التذكير به ومن ثم الانتقال للمقصود من وراء هذه المقالة، وهو ذلك الصدى الطائفي الشيعي لأحداث البحرين وكأنما المتظاهرون الشيعة في الكويت والعراق ولبنان وربما في غيرها أيضا، أرادوا أن يكذبوا أولئك المحتجين البحرينيين وينزعوا عنهم رداء الوطنية البحرينية ليلبسوهم بدلا منه رداء الطائفية! ثم ما المبرر للاحتشاد الطائفي؟ ولماذا تكون الغريزة الدينية أو المذهبية أو القومية هي المحركة لشعوبنا؟
ولماذا لا تتحرك الشعوب العربية والإسلامية وفق الأحاسيس الإنسانية المجردة مثل الشعوب المتقدمة والتي تجاوزت الانتماء الديني والعرقي؟ والتي نراها تتظاهر انتصارا لشعوب لا يربطها بها رابط ديني ولا عرقي، ولعل المظاهرات إبان حرب العراق خير دليل على ذلك.
وأيضا أذكّر الأخوة الشيعة المتظاهرين انتصارا للشيعة البحرينيين بما يحدث في إيران وما تقوم به السلطات الإيرانية من مجازر ضد الشيعة الإيرانيين وهي مجازر حقيقية لا تلفيقية مثلما هي في البحرين، فأين هي العاطفة المذهبية عن مثل تلك المجازر التي لم ينافس فيها الإيرانيين الا القذافي والرئيس اليمني؟
فهل دماء شيعة إيران حلال وملك لنجاد وخامنئي ودماء البحرينيين حرام؟ أم هي مواقف سياسية ولا علاقة لها بالمذهبية؟
مواقفنا الأخلاقية والإنسانية تجعلنا نحزن على كل دم يسفك ومن أي دين أو ملة أو عرق كان.
أما الانتقائية والانجرار وراء أي نوع من أنواع العاطفة فهما لا يليقان بالعقلاء والذين يفترض فيهم الانتساب إلى فئة النخبة السياسية وأعني بذلك بعض أعضاء مجلس الأمة الكويتي الذين تظاهروا تحت زعم الانتصار لشيعة البحرين بينما أحجموا عن مناصرة شيعة إيران وهم الأولى والأحق بالمؤازرة لكونهم يقعون في قبضة شرسة لا تعرف الرحمة ولا الإنسانية.
الغرائز تقود العوام والدهماء ولا يجب أن تقود النخب!
[email protected]