صالح الشايجي
تعجبين من سقمي؟! صحتي هي العجب!
هكذا قال الشاعر، وحاله من تعجب محبوبته على «سقمه» كحالنا نحن الذين ثار البعض منا وفار واشتعل غيظا وانطلقت الحناجر وقصفت الاقلام واسودت الصفحات، في تهويل واستنكار الحادث المؤسف الذي وقع في منطقة «عبدالله المبارك» وراح ضحيته بعض الابرياء أطفالا ونسوة بسبب سوء استخدام المسكن وتحويله الى مخزن لمواد ضارة، ما أدى الى تبخر بعض المواد السامة واستنشاق أهله لها فحدث ما حدث!
هذا هو «السقم» الذي تحدث عنه الشاعر واستنكر تعجب حبيبته منه، على اعتبار ان حالة السقم هي الحالة المعتادة له، وان «الصحة» هي العجب، وذلك بسبب صدودها ومجافاتها لـه، ما أدى الى سقمه!
نحن حالنا كحال هذا الشاعر، فما يجري في البلاد من تناحر وتطاحن وفوضى وتهاون وتخلي الحكومة عن دورها ومسؤولياتها وتسلط مجلس الامة برغبات اعضائه المتباينة والشاطحة في كثير منها، وغياب القانون غيابا تاما، هو بالضرورة يؤدي الى نتائج وكوارث ومآس يدفع - مع الاسف - ثمنها الابرياء لا من تسبب فيها.
وكما يقال فإن المكتوب يقرأ من عنوانه، وعنوان المكتوب واضح وفاضح، ابتداء من حركة المرور في الشوارع مرورا بالجرائم اليومية بأشكالها كافة من قتل وضرب ونهب وخطف وهتك عرض وتزوير ومجرمين تقصر يد القانون أن تطولهم لأنهم بحماية احد حماة البلد من اعضاء مجلس الامة، وانتهاء بالجرائم الكبرى والمتمثلة في التسلط على الانسان وتقييده وحجز حريته ليضحي أشبه ما يكون بالبهيمة يبحث عن الماء والزاد، فلا رأي له ولا حرية ولا ارادة!
ان مجتمعا يدار بمثل هذا السلوك وهذا الانفراط وذلك التسيب، لابد ان نتوقع منه وفيه مثل تلك النتائج! لقد احتلوا الارصفة والممرات وحولوها الى ملحقات لبيوتهم يؤجرونها ويأخذون غنيمتها، ثم جاء من يحميهم باسم «القانون» وتحولت البيوت الى مخازن ومصانع واسواق شعبية، وكل ذلك في حماية القانون «واللي فيه خير يتكلم»!
في ظل هذا الوضع المزري أستغرب من الذين استغربوا حادث «عبدالله المبارك» لأن المقدمات التي نراها ونعايشها يوميا لابد ان تؤدي الى مثل هذه النتائج وأكثر دموية وسوءا، فهوّنوا على أنفسكم ولا ترهقوها بالاستغراب والتعجب، بل استغربوا وتعجبوا ان لم تحدث مثل هذه الكوارث!
«وسلام الله عليك يا بلد»!.. «صحتي هي العجب»!