صالح الشايجي
لعل من أغرب ما قيل تعليقا على الاقتراح بقانون، الخاص بإلغاء قانون منع الاختلاط في الجامعات، هو أنه لم يؤخذ رأي طلبة الجامعة في القضية! هذا ما قاله الكبار من أعضاء مجلس الأمة المعارضين للقانون المقترح وقاله أيضا بعض الطلبة الدارسين!
بوضوح تام وسافر وجلي، فإن مثل ذلك الكلام يعتبر اهانة ما بعدها اهانة، قد توجهها جماعة أو أفراد لوطنهم ولمجتمعهم!
لقد ألغوا كل القيم والاصول المتعارف عليها في بناء المجتمعات والأمم، من حيث التراتبية في العمر وفي الاختصاص وفي الصلاحيات التي يوكلها المجتمع لبعض من أفراده الذين يضعهم في مناصب معينة تحكم القرار وتنفيذه!
هؤلاء الافراد عكسوا كل ما استقرت عليه الأمم وتعارفت عليه المجتمعات، وحولوا القرار والتحكم فيه الى الصغار ووسّدوا الأمر اليهم! تخيلوا أن قراراتنا وقوانينا وتشريعاتنا لا تخرج من مجلس الأمة، ولا يكون محل بحثها مجلس الأمة، بل عند الطلبة الدارسين، وهم الذين يقررون القرارات وما علينا نحن الا التنفيذ!
ان المرحلة العمرية لطلبة الجامعة، هي مرحلة مر بها جميع الذين تبوأوا الكرسي البرلماني أو الوزاري أو القضائي أو حتى أي وظيفة عامة أخرى، وبذلك يكون هؤلاء أصحاب خبرة وتجربة عن مرحلة المراهقة أو الشباب، وزادوا عليها بما منحتهم السنوات التالية من أعمارهم من خبرات تراكمية أخرى، تنقص أولئك الشبان ويفتقدونها!
فكيف يتنازل الكبار عن واجباتهم الوظيفية وخبراتهم المتراكمة للصغار الذين ينقصهم النضوج العقلي من ناحية، ومن ناحية أخرى تنقصهم الخبرة في ادارة الحياة العامة؟!
ولنا أن نتخيل - مثلا - لو أن وزارة التربية عرضت منهجها على تلاميذ الرياض أو الابتدائي، لأنهم هم الذين ستطبق عليهم هذه المناهج، وبالتالي لابد من أخذ آرائهم فيها ومباركتها! أو أن وزارة الصحة تعرض طرق العلاج والادوية على طلبة كلية الطب للاستئناس بآرائهم، ومثلها فعلت وزارة الاشغال بالاهتداء بآراء طلبة الهندسة.. وإلخ!
مثل هذا الكلام رخيص ومعيب ولا يصح في حق مجتمع له وعي ونضوج وفيه مؤسسات وسلطات تمارس صلاحياتها! إنه تسطيح لعقلية المجتمع الجمعية وتسفيه للمؤسسات القائمة التشريعية والتنفيذية وسواهما! فلنعقل ما نقول ولنتعقل و«لا يعمينا» الحماس عن العقل والتعقل.