صالح الشايجي
إذا ما تخلت المرأة عن زينتها وأهملت في أناقتها وانصرفت عن الاهتمام بجمالها، فهي بذلك تكون قد خرجت عن طبيعتها الأنثوية وسلكت مسلكا مضادا لدورها في الحياة.
تصنع المرأة المتخلية عن أنوثتها حاجزا بينها وبين الحياة وتضع أساسا لحائط من يأس، سرعان ما يكبر هذا الحائط ويشكل سدّا منيعا يفصل بينها وبين الحياة من ناحية وبينها وبين الأنوثة من ناحية أخرى.
وفي تحريك سريع للذاكرة وفي العودة بها إلى الوراء ثلاثين أو أربعين عاما، نرى أن المرأة آنذاك كانت كاملة الأنوثة والعفة والجمال والأناقة، وكانت تغني الحياة وتمارس دورها الطبيعي الذي خُلقت من أجله.
تنصرف إلى زينتها وتهتم بجمالها والمحافظة عليه وإظهاره ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، تهتم بشعرها وتبتكر التسريحات المناسبة له، تقصّره أو تطيله، ترفعه أو تنزله، وثمة خبراء جماليون يعينونها على ذلك.
حينذاك كان الحياة غنيّة بنسائها وبرجالها، وكانت المرأة أكثر ثقة بنفسها، ما ينعكس إيجابيا على محيطها الأسري والاجتماعي والعملي، فكانت شديدة العناية بتربية أبنائها التربية السليمة والصحيحة والتي توثق الرباط بينهم وبين مجتمعهم وبين الحياة ككل، ويظهر جليا تأثير ثقتها بنفسها على تربيتها لأبنائها وعلى علاقتها مع زوجها ودورها في البيت حين كانت أغلب البيوت خالية من الخدم، وإن كان لابد فواحدة على أكثر تقدير.
كما أنها في عملها كانت ذات مهنيّة عالية واحتراف واضح، تعرف حدود وظيفتها وطبيعتها فتؤديها على أكمل وجه، وذلك ما يزيد ثقتها بنفسها ويزيد من إحساسها بأنها عنصر فاعل في المجتمع لا مجرد متاع، ربما زائد عن الحاجة!
ولكن تلك الصورة البهية والجميلة والمشرقة للمرأة تبدّلت، وانقلبت الحال عكس الحال، وبدأت المرأة السير على طريق وعر مخالف لطبيعتها ولدورها في الحياة، فأهملت كل ما يزيد من أنوثتها أو يحافظ عليها، وتسربلت بالحزن الواضح عليها من مسلكها وملبسها وتعاملها مع الحياة، فتبترت علاقتها مع أنوثتها، وانقطعت أو كادت تنقطع مع زوجها، وأهملت في تربية أبنائها واقتصر دورها على إطعامهم فقط وتلقينهم بعض ما تسمع من تعاليم تصب في أذنيها من بعض الذين سيطروا على مفاهيم الناس وغذّوا عقولهم تغذية فاسدة.
إن المجتمعات تصلح بصلاح المرأة من حيث محافظتها الشكلية والمعنوية على أنوثتها، وتفسد حين تفسد علاقة المرأة بأنوثتها.