صالح الشايجي
استغربت وبشدة من تلك الضجة المفتعلة ضد «عيد الحب» ولم أجد مبررا واحدا يدفع أيا من الناس وأيا كان موقعه أو فكره للوقوف ضد هذه الفكرة الانسانية الجميلة!
ان المبالغة في رفض كل ما هو مستورد من الغرب أمر يستحق الوقوف ومناقشته بهدوء، ومحاولة معرفة دوافع هذا البعض الرافض «بانتقائية» للبضاعة الفكرية الغربية.
فهل هي محاولة منهم لتأكيد الوجود واظهار التأثير القوي لهم في مجتمعاتهم؟!
هل لديهم احساس بأن المستوردات الفكرية الغربية تسحب أو تساهم في سحب البساط من تحت اقدامهم؟!
أم انهم جادون بأنها «بدعة» وكل بدعة ضلالة، وبالتالي لابد من محاربة البدع؟!
في ظني أن البدع التي يجب ان تحارب على أنها «ضلالة» هي تلك البدع التي يبتدعها البعض في الدين ذاته والذي لا يقبل مزيدا من البشر بعدما أتمه الله على رسوله! فمثلا لو قام أحد بزيادة عدد الصلوات الخمس أو لو زاد عدد ايام الصيام أو أنقصها، أو تدخل في الزكاة وقدرها، أو كل ما يخص أركان الدين، لكان مثل تلك الامور بدعا! أما ان يحتفل المرء بعيد الحب، مثل تقديم الورود والهدايا والتقرب ممن يحب، فلست ارى في مثل ذلك الامر بدعة تستوجب المحاربة والنهي عنها، لأنها ـ فقط ـ فكرة غربية ومتصلة بأحد قساوسة الدين المسيحي.
لست مفتيا ولست ذا رأي ديني، وأعرف حجمي وموقعي ولست أتدخل في علم غيري، ولكنني كإنسان لي اجتهاداتي الخاصة التي لا أقبل أن يتدخل بها أحد حتى إن كان إمام المفتين وشيخ المشايخ وكبير العلماء وفقيه الفقهاء.
وثمة ما يدفع للاستغراب من تلك الانتقائية في رفض المستورد من الغرب أو من الأمم الاخرى التي تختلف دياناتها معنا، فنحن مثلا لم نرفض العلوم الحديثة من طب وهندسة وكيمياء وفيزياء ورياضيات وأخرى، رغم أن مصدرها الحالي من الغرب! كما لم نرفض النظام الديموقراطي والدستوري وهو نظام ليس فقط غربيا ومصدرا الينا من دول ذات دين سماوي، بل هو نظام مبتدع منذ ايام الوثنية وتعدد الآلهة، فلماذا ـ مثلا ـ لم يتم رفض هذا النظام؟ بل ان ما يثير الاستغراب هو تدافع أولئك المتطرفين ضد المنتج الغربي وتهافتهم عليه ليصبحوا أعضاء في المجالس الديموقراطية، رغم انطلاقتها من الزمن الوثني!
لابد أن يصحح أولئك الناس أفكارهم ويعيشوا بواقعية ويؤمنوا بأن الحياة ليست لهم وحدهم، وان الناس قادرون على اكتشاف الانتقائية والازدواجية في أفكارهم وممارساتهم!