لا أظن أن العرب في تاريخهم الطويل والممتد، قد صاروا في حالة التشظي والفرقة والتنافر والشماتة التي هم عليها الآن ومنذ بدأت أحداث غزة!
لا أعرف كيف لنفس إنسانية أن تفرح لموت طفل أو عجوز أو أي نفس بشرية من أي عمر كانت، وفي أي بلاد كانت.
كره منظمة «حماس» ورفض مواقفها الانفصالية أو حتى بعض أوجه إرهابها، لا يبرر لذلك الكاره المبغض، شماتته أو فرحه بنهر الدماء النازف في «غزة».
ولست أدعو العرب لتحريك مشاعرهم القومية وإحياء خرافة العروبة الكامنة في أنفسهم والتداعي لصيحات الفخر والحماسة التي تعوّدوها أو أنها زرعت في نفوسهم منذ القديم، ولكنما أدعوهم لإحياء مشاعرهم الإنسانية التي يجب أن تحزن لكل دم يراق من أي جسد بشري ولأي روح فاضت في أي أرض من هذه الكرة المتقلبة بنا والتي نعيش فوق أديمها.
إن الذين يموتون في «غزة» هم ليسوا «حماس» وربما هم أسرى حماس وخصومها ورافضو أفعالها وسياستها التدميرية، لكن ماذا يفعلون وقد غُلّت أيديهم وغُلّقت عليهم الأبواب وباتوا بين شقّي الرحى وبين المطرقة الإسرائيلية وسندان حماس!
الشماتة تجبّر وفعل لا أخلاقي مدان على المستويات كافة وليس له من مبرر ولا سيما الشماتة في الموت والضعف وقلة الحيلة، ومن لا يستطع فعل شيء أو يعجز عن تقديم العون، فإن عليه الصمت لا إظهار الشماتة والتغني بها بشكل مقزز كريه لا يقبله حتى ألدّ خصوم حماس وربما حتى من يشن الحرب ضدها.
ومما يهوّن الأمر ـ أمر الشماتة والشامتين ـ أنهم قلّة موتورة غير سوية، تخاصم الطير وتحقد على الشجر وتكره النور وتعيش نفوسها في الظلام.
لست هنا أكتب في السياسة ولا أطرق بابا من أبوابها، ولست أدلي برأي فيما يحدث وما زال في «غزة»، لا ألعن هذا الطرف ولا أرفع راية الآخر، إنما أكتب بمشاعر إنسان قد رأى العار مجسدا في نفوس حاقدة لا في أجساد عارية! في ألسنة سليطة على الحق، باردة في الشر!
من يعش ير عجائب الحياة وغرائبها، وها قد عشنا لنرى هذه الكائنات الشامتة، وليتني لم أعش لأرى!
[email protected]