صالح الشايجي
ثمة «منطقة وسطى» بين «التفاؤل» و«التشاؤم» هي «اللامبالاة»! وهي المنطقة التي عشت فيها أنا وكثيرون من الكويتيين، منذ حل مجلس الأمة في منتصف مارس الماضي! لأن «التفاؤل» و«التشاؤم» فيما يتعلق بمجلس الأمة متشابهان وربما متحدان في الشكل والمضمون، وأنا شخصيا يتساوى عندي الأمران، لهما اللون نفسه والنتيجة عينها والمردود ذاته، لأنني – أساسا – خلعت أردية الكذب منذ زمن ويئست من حالة التحايل على الواقع وتلوين الأسود بالوردي!
الكل من المنغمسين في الشأن «المجلسي» أو «البرلماني» متفائلون، رغم انهم لا يقفون على أرضية واحدة ولا ينطلقون من المنطلق نفسه، بل من منطلقات متضادة وكل فريق منهم يقف في ساحة صغيرة، ليس من بينها ساحة لـ «الديموقراطية» التي يبنون تفاؤلهم أو تشاؤمهم حولها! فهذا فريق يقف على ساحة «طائفته» ويبني تفــــاؤله على فوز طائفته، فإن لم تفز تحول تفاؤله إلى تشاؤم!
وذاك حاله حال سابقه ولكنه يقف على ساحة «القبيلة» وتفاؤله قائم على فوز قبيلته لا على انتصار الديموقراطية، فإن انهزمت القبيلة وفازت الديموقراطية، فهو يعتبر نفسه مهزوما لأنه ربط انتصاره وتفاؤله بفوز القبيلة لا بفوز الديموقراطية! والثالث «ليبرالي» يربط تفاؤله باكتساح تياره وإيقاع الهزيمة بأصحاب الفكر الديني، وهؤلاء بدورهم شأنهم شأن خصمهم «الليبرالي»!
وهكذا تمضي الأمور بالمتعلقين بحبال الديموقراطية الكاذبة – أعني ديموقراطيتنا نحن لا الديموقراطية على إطلاقها – بين شد وجذب وصدق وكذب وسذاجة ودهاء.
هم يتوهمون أنهم في صراع ديموقراطي، والحقيقة غير ذلك تماما، انهم مجرد أقوام أو فئات أو فرق تتبارى من أجل تحقيق الفوز لنفسها وهزيمة الآخر! كل هذا يجري في مساحة تتباعد كثيرا عن الديموقراطية!
لذلك فإن تلك المنطقة الوسطى (اللامبالاة) هي الأكثر إيمانا بالديموقراطية لمن عاش فيها، أما المنغمسون والمنشغلون بالانتخابات، فكانوا أبعد الناس عن الديموقراطية! لأنهم وبكل أسف لم يعرفوا ماذا تعني الديموقراطية؟!