سطوة الجهل ووصاية الجهلاء والموتورين على مجتمعاتنا، هما اللتان ترسمان لنا أقدارنا وأوضاعنا المزرية.
لا نفرح لمستشفى جديد ولا لمدرسة ولا لشارع تم رصفه وتعبيده ولا لبرج يعانق السماء، رغم أن تلك الأمور الخدمية مفرحة وتبعث البهجة في النفوس، ولكنما النفوس المكلومة المسلوبة الحقوق لا تفرح ولا يحق لها أن تفرح.
إن فرحة المسترق بلاهة وحمق وموت شعور وفقدان إحساس، فكيف يفرح من سلبت حريته؟! وما الذي يفرح مسترقا، سوى فتح الأبواب أمامه وإطلاقه في الفضاء حرا بلا قيود ولا أغلال.
نحن في مجتمعاتنا، حالنا حال ذاك العبد المسترق.
حبسونا في زنازين وصفدونا بأغلال وكبلوا عقولنا بالأصفاد، وقالوا افرحوا.
أطلقوا علينا شياطين الجهل الأمارين بالسوء المشائين بالنميمة وقالوا افرحوا.
إن ما تعاني منه مجتمعاتنا العربية وبعض المجتمعات الإسلامية، هو سطوة الجهل وتلبيس الدين ما ليس فيه.
خلطوا أفكارهم المدمرة البلهاء بالدين وقالوا اتبعونا فإنا نحن أصحاب الدين الحاملين لواءه الرافعين رايته، ومن خرج علينا وشق عصا طاعتنا، فقد خرج على الله والرسول وشاق الدين، وإنا له بالمرصاد.
الذين عرفوا الدين بعد «صحوته» أو صحوتهم المزعومة، صاروا تيجان مجتمعاتهم وحكماءها وحكامها في الخفاء.
ألبسوا الدين لبوسهم وظللوه بضلالهم ونحن مأمورون باتباعهم وإلا صرنا عصاة مارقين خارجين عن الملة.
كلما خرج من يحاول إنارة عقولنا وفضح خزعبلاتهم وتنقية الدين من شوائبهم وتدليساتهم وفجرهم، زجوا به في السجن وأطفأوا سراجه، ليكون عظة لغيره فلا يفعل فعله.
وحكوماتنا قبعت في الظل وأرخت أقدامهم وغلت أيديها، وأطلقت لأولئك الشياطين العنان يعيثون في الأرض فسادا ويكتنزون الأموال الحرام ولا يشبعون.
صار الصبي ممن لم يبلغ الحلم ولم تنبت في وجهه شعرة واحدة سيدا وخطيبا وآمرا وناهيا «تخر له الجبابر ساجدينا»، يسفه أصحاب العلم والعارفين ومن تجاوزا عمر جده.
يحلل ويحرم ويحدث أهل العلم فيما يفعلون وما عليهم أن ينتهوا عنه.
إنه فعلا عصر انحطاط ودونية ودناءة، إنه زمن «الرويبضة» والتافهين والمنافقين والسفلة والجاهلين.
فيا أهل الدين برئوا دينكم من هرطقات أولئك الصبية وشيوخهم المنخورة عقولهم!
[email protected]