صالح الشايجي
انخفض سقف الحرية، وارتفع سقف العداوة.
سيوف العداوة مسلولة مصقولة، تهدد بجز الرؤوس وقطع الألسنة، ولا ندعو إلا بالستر والسلامة وترطيب النفوس المتأججة والألسنة الملتهبة والأقلام الراكضة في مضامير العداوة ونكء الجروح ونكش المخفيات وصنع الخيالات.
ما تشهده الساحة السياسية في الكويت هذه الأيام، هو نتيجة طبيعية للسياسات العشوائية ورهافة الوضع السياسي القائم الذي يهتز أمام كل نسمة تمر عليه، ولليونة في وضع العصا حيث يجب وفي تفعيل القوانين وإقامة المساواة والعدل في التعامل مع المكونات الاجتماعية والسياسية المتواجدة على الساحة والتي استغل كل منها ظروف الليونة والميوعة والرخاوة، وارتخاء المفاصل والترهل في الجسد الحكومي، فحاول ان ينهض بقوامه مستفيدا من هذا الوضع المتراخي البائس.
إذا كان أي فريق من الفرق المتناحرة يرى أنه سيكسب في نهاية الأمر، فهو مخطئ، لأن كسبه سيكون على حساب البلد ككل، وفي هذه الحالة سيكون هو أول الخاسرين، لا أول الرابحين، لأن الرابح في مجتمع متهدم متآكل، هو خاسر بالضرورة.
كما أن تحجيم الحريات وتقليص حركة الناس وأنشطتها، أوجد للطفيليات السياسية مناخا مناسبا لنشوئها وتحركها وتقوية عضلاتها وقدرتها على التأثير في قيادة المجتمع وصوغ تفكير الرأي العام.
وهذا الواقع المرير يستدعي مجابهة وردعا حقيقيا وقويا وفاعلا لوضع كل جماعة أمام مسؤولياتها ومعاقبتها على سوء سلوكها وعلى تصعيدها للعداوات المجانية والفارغة والتافهة، ومن يعتقد أن ما يحدث هو إفراز طبيعي للجو «الديموقراطي» ولـ«الحرية» التي «ننعم» بها في بلادنا، هو أقرب إلى العته والبله، بل ومن السخف أن يكون هناك من لايزال يعتقد أن مجتمعنا ديموقراطي، أو أننا نعيش في جو ديموقراطي ودستوري، لأن ما عندنا هو مجرد تسميات لأشياء غير موجودة، فالديموقراطية شعار فارغ نرفعه ليستفيد منه البعض ويحصد غنائمه، بينما غنائم الديموقراطية تشمل الجميع، وليس من غنائم الديموقراطية الكسب المالي ولا الوجاهة الاجتماعية ولا تسيد فريق واستعباد البقية وإهدار حقوقها.
ونتمنى من المتحاربين إما وضع سيوفهم في أغمادها، أو أن يبحثوا عن ميدان آخر يتحاربون فيه بعيدا عنا.