أكاد أوقن أن المزاج البشري العام تحول إلى العنف والتطرف، وربما هذا ما يكشفه فوز الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» بمنصب الرئاسة وفشل المرشحة المنافسة «هيلاري كلينتون» في بلوغ البيت الأبيض رئيسة وسيدة أولى للعالم.
لقد أدرك مديرو حملة «ترامب» الانتخابية ومخططوها، أن القفز بمرشحهم والدفع به إلى الأمام وتحضيره في أسماع الناس وأنظارهم وأفهامهم، في حاجة إلى مجهود جبار، فمنافسته على قدر كبير من الشهرة والحضور والانتشار وهي التي كانت زوجة رئيس ثم وزيرة خارجية وتحظى بكاريزما مؤثرة، فضلا عن كونها امرأة وهذا عنصر يساهم في زيادة شعبيتها.
لا بد من مواجهة هذا الواقع بأسلحة ثقيلة وصادمة وغير معتادة، فكان أن تم اختيار الخطاب العنيف الصادم والمفاجئ، فالعالم يعيش العنف والتطرف والتشرذم والفئوية والعنصرية، وأصحاب هذا الخطاب هم المتسيدون والمسيطرون على مقاليد الأمور.
هناك «داعش» وما تفعل وخطابها الفئوي الضيق، وأيضا هناك «إيران» وأبواقها وميليشياتها و«حوثيوها» و«حشدها» و«حزب الله» وما إلى ذلك، فكان لا بد من الاستفادة من هذا الواقع العنيف والمتطرف والمتسيد.
إن تبني «ترامب» للخطاب العنصري أثناء حملته الانتخابية، لم يكن صادقا، أو ربما أن نسبة الصدق فيه متدنية جدا، ولكنها متطلبات الانتخابات ولا بد من المزايدة في عالم صاخب مضطرب مجنون، ولا بد من مسايرة الواقع والاستفادة منه، فمن الجنون أن تكون عاقلا والعالم حولك مجنون!
قليلون هم من ظنوا بنجاح خطاب «ترامب» الذي جاهر فيه بعدائه للمسلمين وللمهاجرين من دول أميركا اللاتينية وأطياف أخرى من مكونات المجتمع الأميركي، وترجيحات الفوز كلها كانت تتجه صوب «هيلاري» المتعقلة بطرحها والتي لم تجاهر بعداء أحد ولا مقاطعة أحد، ولكن «هيلاري» وقادة حملتها لم يكونوا على ذكاء كاف يكشف لهم تغير المزاج العام وميله الى العنف والتطرف، وهو الأمر الذي راهن عليه قادة حملة «ترامب» ونجحوا.
وبعدما فاز «ترامب» وفي أول خطاب له تراجع عن كثير من آرائه الدعائية، وأعلن أنه رئيس للأميركيين جميعا من كل ملة وعرق ولون، ومد يده للعالم أجمع. «لا يفل الحديد إلا الحديد» ذلك كان الشعار الخفي لحملة «ترامب»!
[email protected]