تنص أكثر دساتير دول العالم إن لم تكن كلها على المساواة بين الناس، ولكن البشر أنفسهم غير متساوين ويعانون من فروق فردية، في كثير من أمور الحياة ومتطلباتها وفي تركيبتهم الجسدية أيضا.
ومما استوقفني وأنا أفكر في هذا الموضوع، هو التفاوت في الفهم ودرجات الذكاء بين الناس والقدرة على الاستيعاب وتنمية القدرات العقلية والاستفادة من المعلومات المكتسبة وتوظيف المعارف.
في الأنظمة التعليمية كلها تقييم لقدرات كل دارس من خلال متابعة المدرس لتلاميذه وأيضا من خلال الامتحانات والاختبارات التي تجرى من أجل الحكم على قدرات الدارس. وبما أن نظام المراقبة والمتابعة للتلميذ يبدأ منذ العام الدراسي الأول بل ومنذ الأيام الأولى، فإن في ذلك فرصة لتقييم الطلبة مبكرا لتوجيههم لما يصلح لهم وما يصلحون له وما يتوافق مع ميولهم أو قدراتهم ومواهبهم، وبهذه الطريقة يتم تنمية قدراتهم للاستفادة منهم استفادة صحيحة ونافعة لمجتمعاتهم.
إن التعليم النظامي المعتاد الذي نعرفه في بلداننا له أخطاؤه التي لا بد من إعادة النظر فيها وتصحيحها لأنه ليس مناسبا للجميع ولا تتم الاستجابة لإفرازاته ونتائجه، فلماذا مثلا يستمر الطالب متكرر الرسوب والإعادة أو حتى المتدني في فهمه وتحصيله ودرجاته؟ لماذا يستمر في طريقه الدراسي نفسه ولا يحول إلى تعليم آخر قد يكون حرفيا أو فنيا أو رياضيا أو أي شكل آخر من أشكال التعليم التي تنمي مهارات المتعلم؟ حيث من الممكن أن يبدع هناك ويصبح عنصرا جيدا بدل حبسه بنظام لا يتوافق مع قدراته وميوله، فيفشل ويصير عالة على مجتمعه ويخسر المجتمع كفاءة عملية بسبب الإصرار على توحيد مساره التعليمي.
ولا بد أن يدرك الأهل أنه ليس بالضرورة أن يكون أبناؤهم جميعا من الأذكياء أو من أصحاب القدرات الذهنية الفائقة والقادرة على اكتساب المعرفة والمهارة بسهولة، بالطبع هذا أمر مستحيل لذلك لا بد من توجيه الابن أو البنت الوجهة التعليمية الصحيحة التي تتوافق وقدراتهما وإمكاناتهما، وليس عيبا أن يدرس الابن أو الابنة دراسة أخرى خارج الدراسة النظامية المعروفة، وعلى الدولة أن توفر تلك المناشط التعليمية وتشجيع الأهالي على إرسال أبنائهم لها حيث هي الحاضنة الأصح لأبنائهم.
[email protected]