منذ مجيئي إلى الكويت قبل عشرة أيام، وبعد غياب متصل قارب السنوات الثلاث، وأنا أعيش «زحمة فرح»، أعيش حالة من الفرح المولد فرحا، عشت حالة السائح الذي جاء البلاد ليكتشفها وليعرف معالمها وما يستحق الزيارة فيها.
إن كويتا جديدة تبنى وكويتا قديمة تنهض من بين ركام النسيان والإهمال والصخب والضجيج والطنين المفتت الأكباد.
خصصت أيامي العشرة في الكويت لمعرفة الكويت وكأني لست ابنها ولست الصارخ صرخة حياته الأولى في حيها القبلي وكأني لست المتربة قدماه من ترابها، الفاحص «الباخص» سكيكها وأزقتها وجال بحرها.
ما رأيته من كويت جديدة تبنى ذكرني بحقبة عشتها في طفولتي ومطلع شبابي أو هو عقد من عشر سنوات بدل حال الكويت من حال إلى حال، قادها من ديجور إلى شمس وأخرجها من عطش إلى ارتواء، كانت تحبو فجعلها عداءة تخترق الفضاء القريب وتحتله.
هو عقد الخمسينيات الذي بدأت فيه عوائد النفط تأخذ دورها في بناء الكويت أو بالأحرى في توليد كويت جديدة وهذا ما حدث فعلا، شقت الطرق وعبدت، وأزيل السور المحيط بالمدينة وأنشئت مناطق سكنية حديثة خارجه، مثل «الشامية» والتي تحولت إلى منطقة سكنية حديثة راقية بعدما كانت منطقة تكثر فيها كراجات تصليح السيارات وكذلك «الدسمة» و«القادسية» و«الشويخ» و«كيفان» و«الدعية»، كما تم تطوير المناطق القديمة الموجودة خارج السور والتي كانت قرى تتشكل من بيوت طينية كحولي والسالمية وكذلك مناطق الجنوب مثل الفحيحيل وجاراتها.
أنشئت المدارس والمستشفيات التخصصية والمستوصفات، وفي كل منطقة كان هناك أكثر من مدرسة وزادت رعاية الدولة للأفراد وانفتحت الكويت على جميع الجهات وتعرف الكويتيون بكثافة على الشعوب الأخرى إما بزيارتها أو بتواجد أفراد من تلك الشعوب في الكويت للعمل، حتى أضحت الكويت عام 1960 غيرها عام 1950.
الكويت التي رأيتها في أيامي العشرة هذه تضاهي تلك الكويت الخمسينية في النهوض والمشاريع الحيوية.
إن الكويت تجدد شبابها وتتجدد وتتجمل وتتحلى وإني سعيد بذلك، ولكن ما يؤسفني هو أننا لا نسمع إلا الصراخ والضجيج ونبرات التذمر وشيوع الخطاب السلبي التشاؤمي، وتغيب تماما الإشارة إلى تلك الجماليات.
إن الكويت جميلة فاسعدوا أيها الكويتيون.
[email protected]