إن الذي أبقى الحياة كل هذه القرون الممتدة من السنين، وحافظ على استمرار الجنس البشري، هو الخير.
ولولا الخير في نفوس الناس لفنوا وفنت معهم الحياة.
والخير لا يعرف أخا أو ابن وطن أو ابن عقيدة أو ابن عرق.
الخير ينتشر بلا أجنحة ويغطي الأرض ويستقر في قلوب الناس.
إثر تكاثر لجوء الإخوة السوريين بعدما حل ببلادهم من بلاء إلى البلاد الغربية سواء في أوروبا أو دول القارة الأميركية، صار أهل تلك البلاد الغربية يرفعون لافتات ترحيب بالإخوة اللاجئين مكتوبا عليها «لا يهم أين ولدتم، ولكننا سعداء أنكم جيراننا» ويرفعونها قرب البيت الذي تسكنه العائلة اللاجئة، ليحسسوا هؤلاء الضيوف الذين غدرهم الزمن وغدر ببلادهم، أنهم محل ترحيب من قبل أهل البلاد الذين عبروا عن سعادتهم بوجود هؤلاء اللاجئين بينهم وجيرتهم لهم.
هذه الروح الجميلة الخيرة كم نحن في حاجة إليها في محيطنا العربي والإسلامي وفي نفوسنا التي اخشوشنت وتيبست وجفت وجففت منابع الخير فيها لتفتح منابع الشر والكراهية والإقصاء.
نحن الذين نباهي العالم بما لدينا من موروث أخلاقي ديني أو عرقي، وملأنا الفضاء ضجيجا بقيمنا الإنسانية وسمو أخلاقنا ونجدة الملهوف وستر العاري وإطعام الجائع.
نحن نستهلك الكلام ونلوكه ويكفينا ذلك فخرا، أما الفعل فلسنا قادرين عليه، عاجزون عن فعله قاصرون عن إتيانه، لذلك صدرناه إلى الأمم الأخرى التي ندعي أنها بلا أخلاق ولا قيم ولا تعرف الإنسانية ولم ترحم ولم تطعم ولم تكس.
أين أخلاقنا وقيمنا التي نتشدق بها جيلا في إثر جيل ومنذ قرون طويلة ممتدة؟!
ماذا لو أن ما حل ببعض بلادنا العربية والإسلامية من دمار وحروب وخراب، كان قد حل ببلاد غربية أو شرقية ليست من ملتنا ولا عقيدتنا ولا عرقنا، هل كنا سنستقبل لاجئيها ونطعمهم ونكسوهم ونؤمنهم في بيوت معززين مكرمين ونقول لهم «لا يهم أين ولدتم ولكننا سعداء أنكم جيراننا»؟!
أم كنا سنفرح بما حل بهم ونرفع أكف الشماتة داعين عليهم بمزيد من الخراب والتشتت والموت والضياع؟!
مع الأسف هؤلاء نحن، وأولئك هم!!
[email protected]