إن الثبات في السياسة أمر مستحيل يضاف إلى المستحيلات الثلاثة المعروفة، والوئام والسلام فيها أو الاختلاف والتباعد، هي أمور غير ثابتة وغير مستقرة.
والسياسة لا تبنى على العواطف بل على المصالح، ومن تكرهه شخصيا قد تكون مجبرا على حبه سياسيا، وكذلك من تحبه شخصيا قد تكون مجبرا على كرهه سياسيا.
وما يحدث من توترات سياسية بين الدول أمر معروف ومتكرر وغير مستغرب وإن كان غير مستحب، ولكن لابد منه في ظروف كثيرة تملي هذا التوتر أو تقود إليه.
وما يحدث الآن بين بعض دول الخليج، السعودية والإمارات والبحرين، من ناحية، وقطر من ناحية أخرى، وإن كان أمرا مقلقا لنا ومزعجا ومؤذيا لمشاعرنا ويبعث الخوف في نفوسنا على مستقبل تلاحمنا الخليجي، فإنه إلى جانب ذلك علينا كمواطنين خليجيين أن نضعه في إطاره السياسي البحت وداخل بروازه، ولا نجنح بعيدا فنؤجج ونوقد نارا ما كان لها أن تتقد لو لم يوقدها حماس خاطئ نتيجة تفسير خاطئ.
شخصنة الحدث السياسي نوع من الجنوح بعيدا وشطط عن قلب الحدث وتفسير لا ينسج مادته من خيوط الحدث نفسه بل من تأويل المفسر واستنتاجاته وشططه وعواطفه التي قد تكون صادقة في الرؤية للحدث بعين إنسانية ولكنها مخطئة في الاستنتاج.
لن أقول هي زوبعة في فنجان ولن أقول هي غيمة صيف عابرة تنذر ولا تفي، بل أضع الأمر في نصابه السياسي الصحيح، فهناك دول تقول إنها تضررت من سياسة دولة أخرى وفسرت سياسات تلك الدولة بالمروق والخروج عن الصف الخليجي، هكذا ترى السعودية والإمارات والبحرين السياسات القطرية وتصنفها وبناء عليه تم ما تم وأعلنت تلك الدول الثلاث مقاطعتها لقطر.
لا شك أننا كمواطنين خليجيين متضررون من مثل هذا الحدث ومنزعجون من حدوثه لاسيما بعدما تقافز الى ساحتنا، الانتهازيون والدخلاء والمصطادون في الماء العكر مثل إيران وتركيا من اجل توسيع الشق الخليجي ولإذكاء نار الفرقة وإشعال الفتن، ولكن علينا واجب التزام الهدوء والمسارعة بإطفاء أعواد الثقاب في أيدي العابثين الذين يرمون إلى إشعال النار في بيتنا الخليجي.
[email protected]