ما سمعت عن راقصة مصرية اسمها «غزل» إلا بعد وفاتها إثر عملية جراحية.
وعرفت بموتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشر أحدهم خبر وفاتها كما تنشر أخبار الوفيات للمسلمين عادة بتدبيجة بآية قرآنية تذكر في مثل هذه الحالات ثم ساق خبر الوفاة، وهذا أمر معتاد وغير مستغرب.
ولكن ما أحزنني، هو تعليقات المعلقين وكانوا جميعا من الأشقاء المصريين حيث انطوت تعليقاتهم الساخرة على ما يقلل من قيمة الراقصة كإنسانة وكأنهم ينزعون عنها صفة الإنسانية وأنها وما دامت راقصة فهي لا تستحق أن يؤطر خبر وفاتها بمثل هذا الإطار الوقور والذي اعتاد الناس عليه في حالات الوفاة!
لن أقترب من مناطق التحليل والتحريم ولا من هو في الجنة ومن هو إلى النار، لن أفعل ما فعله أولئك المعلقون وغيرهم ممن ينازعون الله سلطاته فيدخلون هذا الجنة ويدخلون ذاك النار، ولكن سأتخاطب بلسان البشر وبمعرفة البشر وأخلاقيات البشر وما تعارف عليه البشر منذ أزلهم وهو أن للإنسان كرامته ولا تحدد تلك الكرامة بحجم الإنسان ومكانته والمنصب الذي يشغله، ولكن كرامات البشر عاليهم وسافلهم متساوية في الحياة، أما بعد موتهم فلهم رب يحكم.
إذن لا شأن للبشر في تعلية هذا وتصغير ذاك بحسب ما يأكل وما يشرب وما يلبس وما يعمل. والذين ازدروا الراقصة وأهانوها ولم يقيموا أي اعتبار لموتها لم يفعلوا ذاك لأنها قاتلة أو سارقة أو نصابة أو كذابة، لا شأن لهم بمن يحمل تلك الصفات فهو في نظرهم لا يستحق الازدراء لقتله أو كذبه أو سرقته، ولكنهم ازدروها بسبب المهنة التي تمتهنها وهي الرقص، وأنا لست في صدد الدفاع عن الرقص ولا الراقصين ولا الراقصات ولكنما أقول: إذا كان الرقص إثما في نظر من ازدرى الراقصة فهو أقل الآثام قياسا على القتل والسرقة والكذب والنصب ونشر الفتنة بين الناس والمشي بالنميمة، ومع الأسف فإن حاملي تلك الصفات الخسيسة الدنيئة هم مكرمون ومبجلون عند تلك الفئات من الناس التي تشمت في موت راقصة أو طبال أو زمار وتستنكف الترحم عليهم، بينما تذرف الدمع مدرارا على السفلة واللصوص والقتلة!
[email protected]