كتبت قبل أيام أن المواطن البنغالي الحالي، هو بنغالي وأبوه باكستاني وجده هندي.
والعبارة بالتأكيد ليست دقيقة ولا هي مطلقة شاملة جميع البنغال، فبالتأكيد بينهم من هو وأبوه بنغاليان وجده باكستاني، وهكذا تتحدد الأمور حسب الأعمار.
بنغلاديش دولة حديثة لا يزيد عمرها على ستة وأربعين عاما، وقبلها كانت ضمن دولة باكستان، ودولة باكستان كانت ضمن دولة الهند وانفصلت عنها عام 1947 لذلك تعددت جنسيات المواطنين البنغاليين.
ما ذكرني بوضع البنغال، هو الاستفتاء الذي جرى في «كردستان العراق» حول انفصالها عن العراق وإنشاء وطن قومي للأكراد، ووقوف أغلب دول العالم ضده، رغم أن الاستفتاء أسفر عن رغبة الأكراد في الاستقلال وإنشاء وطن سيد لهم لا سلطة لأحد سواهم عليه.
في الحالة الباكستانية والحالة البنغالية، لم يتدخل العالم من أجل منع إنشاء باكستان كما لم يتدخل من اجل منع قيام دولة بنغلاديش، بل إن الهند خاضت حربا ضد باكستان التي هزمت في هذه الحرب شر هزيمة، وأنشئت في إثرها بنغلاديش كوطن قومي للبنغال.
للسياسيين بالطبع حساباتهم الخاصة التي يراعون فيها مصالحهم هم أو مصالح أحزابهم أو بلدانهم، ولنا نحن المجردين من السلطة ومن السياسة نظرتنا القائمة على الحق الإنساني البعيد عن موازين المصالح والمكاسب.
ومن خلال هذه الرؤية أرى أنه من حق الأكراد أن يحققوا استقلالهم ويقيموا وطنا لهم ما داموا لا يلقون حقوق المواطنة الكاملة في الوطن الذي ينتمون إليه سياسيا ويحملون هويته ويعاملون فيه كمواطنين من درجة متخلفة.
وإذا كنت تفهمت انزعاج الحكومة العراقية من قيام وطن كردي لأنه بقيام ذلك الوطن فإن العراق سيخسر جزءا من أرضه ومن شعبه ومن موارده أيضا، فأنا لست أفهم انزعاج ايران وتركيا الدولتين الحدوديتين للإقليم الكردي من قيام هذا الوطن الكردي، إلى الحد الذي دعا مشعل الحروب الرئيس التركي أردوغان إلى التهديد بإعلان الحرب ضد الإقليم الكردي، فضلا عن التهديدات الاقتصادية والتجارية وما إلى ذلك.
قد يكون هذا الرفض مبررا قبل إجراء الاستفتاء وتصويت 92% من الأكراد بنعم للانفصال، أما وقد تم الاستفتاء وأحرز هذه النتيجة المبهرة فعلى العالم الصمت والمباركة لإخوتنا الأكراد.
[email protected]