في عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، كان الإرهاب الأغلب يساريا تقوده منظمات يسارية، وكان من نجوم تلك الفترة منظمة «بادر ماينهوف» الألمانية و«الألوية الحمراء» الإيطالية و«الجيش الأحمر» اليابانية، إضافة إلى بعض المنظمات الفلسطينية.
وبرزت أسماء مثل «كارلوس» الإرهابي الدولي والفلسطيني «أبو نضال» والذي تخصص بقتل الفلسطينيين فقط.
ولكن ما يلاحظه المتتبع لتلك المنظمات أنها ورغم اشتغالها بالإرهاب والقتل والترويع فإنها تتمتع بحس «إنساني» فقد كانت تحاول قصر عملياتها على أهداف استراتيجية وأن تتجنب بقدر المستطاع وقوع ضحايا أبرياء، كما ان عملياتها لم تكن عشوائية وليست بسيطة بل كانت معقدة وصعبة، تتطلب تفكيرا وتخطيطا وذكاء ودقة، كما كان منفذو تلك العمليات يتمتعون بالروح القتالية والفدائية.
تفتت مع مرور الوقت تلك المنظمات وتفككت حتى تلاشت تماما وانتهت ولم يعد لها صوت يسمع ولم يعد أحد يسمع عنها، وتزامن اختفاء تلك المنظمات الإرهابية اليسارية مع بدايات ظهور الخميني وبدء الحكم الديني، لتنشأ بعد ذلك ما يمكن تسميته بالمنظمات الإرهابية الإسلامية ولتتحول البندقية من الكف اليسارية إلى الكف الإسلامية، كما لو أنها عملية منظمة، لنسمع بعد ذلك أسماء منظمات كالحرس الثوري الإيراني وحزب الله والقاعدة وحماس وغيرها من منظمات إرهابية ترفع راية الإسلام حتى وصلنا إلى «داعش».
وحسب تقرير قرأته فإن علاقة قوية تربط أسامة بن لادن زعيم القاعدة بإيران، وذلك ما كشفته مذكراته التي كتبها بخط يده وعثر عليها قاتلوه في مخبئه وسمحت المخابرات المركزية الأميركية بنشرها مؤخرا.
ما يعنيني توضيحه في هذه المقالة هو اختلاف الوسائل والأهداف بين الإرهاب اليساري والإرهاب الإسلامي، فلقد كان الإرهاب اليساري أكثر إنسانية من الإرهاب الإسلامي وكان محدد الأهداف ولم يكن عشوائيا، كما انه يتطلب تخطيطا ودراسة ومراجعة وأهدافه منتقاة بدقة، بينما الإرهاب الإسلامي عشوائي ولا إنساني وكل ضحاياه من الأبرياء. فحينما يقود الإرهابي مركبة ويدهس كل من أمامه وهم جميعا أبرياء من المشاة والمتنزهين والمتسوقين، فمثل هذه العمليات لا تحتاج ذكاء ولا تخطيطا ولا حتى مالا.
أتمنى أن يعود الإرهاب يساريا فهو أرحم.
[email protected]