من الصعب على المراقب والمتابع تجاهل ما يجري حوله من أحداث تغييرية رهيبة لاسيما وإذا ما كان ينظر إليها بمنظار المتفائل المستحسن المتقبل.
وأنا بذلك أعني ما يجري في الجارة الشقيقة الكبيرة المملكة العربية السعودية وعلى يد ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وبمباركة من والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
إن ما يجري هو بمنزلة ثورة مباركة هزت ما نسيه الزمن حتى خال البعض أنه من الثوابت التي لا يجوز الاقتراب منها، كجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت مطلقة اليد وسلطتها تفوق سلطة الشرطة، فهذه الجماعة قد تم تنظيم عملها حتى تتمكن من تأدية رسالتها الشرعية المطلوبة دون احتكاك بالناس أو فرض سلوكيات معينة عليهم وضمن قواعد الدولة ونظمها لا أن تعلو سلطتها سلطة الدولة أو حتى توازيها.
وهذه واحدة مما نسيه الزمن حتى ظنه الناس من الثوابت، والتدخل بشأن هذه الجماعة وتعديل مسارها سبق وجود الأمير محمد بن سلمان في السلطة، وكان الفضل في ذلك لخادم الحرمين نفسه الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولكن الأمير الشاب تسلّم الخيط وأكمل المسيرة التحديثية وخرج على الناس يحدثهم بلسان لم يعهدوه من قبل وبفكر مستنير وبأحاديث تبدو لدى المترددين والمتشائمين أو المتصيدين والشامتين أشبه بالأحاجي والألغاز، وذلك بسبب كونهم خصوما وكارهين ولا يريدون لهذا البلد العظيم الخروج إلى حيثما يجب أن يكون كدولة عصرية مدنية مثل سائر دول العالم.
ولقد كان الخصوم يتندرون على المملكة بسبب عدم تمكين المرأة من قيادة السيارة، فأصبح هذا الأمر من مخلفات الماضي ومات المتندرون بحسرتهم حين تم تمكين المرأة من ذلك وقضي الأمر.
وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك، المشاريع الاقتصادية العملاقة التي أعلن عنها سمو الأمير الشاب كمشروع «نيوم» وغيرها من مشاريع تطور الاقتصاد السعودي واقتصاد المنطقة، فإننا نكون فعلا أمام حاكم حازم وعازم ولا يلقي الكلام على عواهنه، ولعله ترجم حزمه وعزمه بإنشاء لجنة مكافحة الفساد ومباشرة عملها بالتحقيق مع المشتبه فيهم، وتلك كلها مؤشرات على أن الرجل يعمل ولا يكتفي بالقول كما تعودنا طوال عهودنا السياسية العربية.
[email protected]