«غاب القمر» واندسّ تحت الأرض، وغدًا سيغدو ترابا.
وما ذاك القمر سوى «شادية».
وكلنا غادون ترابا في يوم معلوم عند علام الغيوب.
كنت كتبت عنها في 9/3/2012 أي قبل ما يزيد على خمس سنوات مبهورا منبهرا بها وبكتاب قرأته عنها، فرغم أنها امرأة دخلت قلوب الملايين من الناس العرب برجالهم ونسائهم من خلال فنها البهي الجميل المتمثل بأفلامها وأغانيها وإطلالاتها العذبة، فهي إلى جانب ذلك، امرأة خيّرة ومحسنة كبيرة، بنت وعمرت وآوت وكست وأطعمت وداوت، فلم تدر شمالها بما أنفقت يمينها، ولم تلعلع بلسانها الشادي بما أسدت من خير للآخرين، بعيدين قبل القريبين.
فبأي لغة أرثي شادية، وأي شادية أرثي، أأرثي «شادية»، أم فاطمة أحمد شاكر؟
أرثي الفنانة التي غنّت فأغنت وملأت مساحات طويلة من زمننا فرحا أبيض متجددا.
التي مثّلت فأبدعت، أبكت وأضحكت وأسعدت وأفرحت وما ادخرت سطرا من فن ولا حتى حرفا في مخبئها الفنّي الاّ وجادت به، سخاء بلا منة.
أم أرثي فاطمة أحمد شاكر سيدة البر والإحسان بيضاء القلب النقية المحسنة.
في هذي وفي تلك، في الفنانة أو في سيدة البِر تجري أنهار الكلمات تباعا تتسابق مادحة.
من الصعب جدا أن يحدد أحدنا أين عرف شادية وفي أي من فنها الكثير المتوالي عرفها، هل عرفها بأغنية ما وأثرت فيه حين سمعها تغني أو أنها تسيدت ذاكرته في ذاك الفيلم الذي غنت فيه لابنها، أو ذاك الذي غنت فيه لحبيبها تلك الأغنية أو تلك أو تلك.
شادية فنانة كثيرة المحطات ومتعددة المواهب وغنية في مواهبها وجزلة في عطاءاتها.
لم يبق أحد من ممثلي السينما أو ممثلاتها لم يكن لها معه رابط فني وربما روابط، وكذلك تداولت صوتها أنغام جميع الملحنين، لم يبق كبير كبيرا أمام صوتها، وكل راح يجعل حجمه اللحني بقياس صوتها، حتى بات صوتها هو الميزان الذي توزن عليه الأنغام.
لم تسع في أي عمل قامت به لأن تكون هي الأولى وهي الأفضل وهي الأهم، لا في أفلامها ولا في أغانيها، ولكنها تتقدم الصفوف بإبداعها وبتجويدها لعملها لا لأنها هي الساعية لتقدم الصفوف.
«غاب القمر» غيبةً أبدية.
[email protected]