استطاعت إسرائيل وبدهاء بالغ، نقل الملف الفلسطيني من اليد العربية إلى اليدين الإيرانية والتركية، وأن تحول القضية الفلسطينية من قضية العرب الأولى والمركزية إلى قضية يتكسب عليها «الفرس» و«الروم» أو إيران وتركيا بالمسميات الحديثة.
وكي أكون أكثر دقة فمن فعل ذلك ليست إسرائيل منفردة بل بدعم ومؤازرة من قوى عظمى ودول صاحبة قرار.
جرى ذلك من أجل تمييع القضية الفلسطينية بتزويد أعداد المتعيشين عليها والمتكسبين من ورائها، فكما نعرف فإن القضية الفلسطينية هي التي خلقت أو صنعت الزعماء العرب الذين خرجوا إلى العلن في الخمسينات والستينات وجزء من السبعينات.
زعماء هذه المرحلة وأقصد بهم الزعماء الانقلابيين أو العسكر الذين استولوا على الحكم بالقوة العسكرية ومن خلال الانقلاب على حكامهم وخيانة أوطانهم، كان شعارهم «تحرير فلسطين» وصدقتهم شعوبهم والضالون من بقية الشعوب العربية وهتفت لهم، وكانت النتيجة التي نعرفها جميعا كارثية بكل المقاييس سواء على القضية الفلسطينية أو على البلدان التي حكمها أولئك الانقلابيون وأيضا على شعوبهم.
سرقوا ونهبوا وأحرقوا ودمروا بلدانهم وملأوا السجون بالأبرياء وعذبوهم ومات الكثيرون تحت سياط التعذيب، كل ذلك جرى تحت راية تحرير فلسطين، ونتيجة تلك الأعمال الهمجية التي غلفوها باسم فلسطين حققوا جماهيرية عربية طاغية وصاروا «زعماء خالدين» وأبطالا تسير وراءهم الركبان أينما حلوا ووطئوا.
وبعد أن انتهت هذه الشاكلة الرخيصة من الزعماء العرب وانسحبت إلى قبورها أو أن الأضواء انسحبت عنها ولم تعد في السمع ولا البصر، صار لابد من خلفاء لهم حتى لا تبقى القضية يتيمة دون أب يتولاها ويتكسب عليها، ومن جديد يطل الفرس والروم (الإيرانيون والأتراك) وأيضا بـ «زعامتين كبيرتين» وتحت مظلة الدين هذه المرة بدل مظلة القومية التي ظللت الزعماء الثوريين العرب.
انطلقت ثورة الخميني متلفعة بالقضية الفلسطينية وإبادة إسرائيل «وفوق البيعة» أميركا «الشيطان الأكبر» حسب الأدبيات الثورية الخمينية، ثم وبتخطيط محكم تم إدخال الزعامة «السنية» الكبيرة المتمثلة بالتركي «أردوغان» ليتحمل الجزء «السني» من القضية، وليعطي إسرائيل ما تريد وإن كان لسانه ضدها، وليهتف الفلسطينيون لإيران وتركيا، ويسبوا العرب.
و«بس خلاص»!!
[email protected]