«فسر حلمك على هدي الكتاب والسنّة، وأخبار أهل العلم، اتصل بـ «....» الدقيقة بـ «300 فلس»!
هذا نص رسالة نصية قصيرة وردتني على هاتفي النقال، وبالتأكيد وصلت الى كثيرين غيري.
أنا لم أستغرب ولن أستغرب ورود مثل هذه الرسائل على ما تنطوي عليه من ضحك واضح المعالم ـ لا على الذقون فقط ـ بل على كامل الجسد بشحمه ولحمه وعظمه، فنحن في بلاد تصنع العجائب والغرائب حتى في أجهزتها الاعلامية الرسمية والتي تحاول هذه الايام حمايتها من ضوء الاعلام الخاص الكاشف الغطاء عن حكومتنا التي لا تُعد عيوبها ولا تحصى ولا تخصى.
حكومة «السبعة والثلاثين مليارا» والتي تنوي انفاقها على مدى السنوات الاربع المقبلة، لن نستغرب أن تتفشى الخرافة في ظلها وتحت حمايتها وتعيش وتعشعش وتكبر وتنبت لها أجنحة فتطير ترفرف على أهل هذه البلاد.
الدجل والشعوذة والخرافة تضرب لها أوتادا ـ من حديد ـ لا تُقتلع، وهي مقيمة في بلادنا «ما أقام عسيبُ»، ترعاها الحكومة وتغذيها وتمنحها الارض الخصبة وتنثر فيها بذورها ثم تعطي المشعوذين والدجالين المناجل ليحصدوها خيرا عميما يصب في جيوبهم، وها نحن نراهم سمانا منتفخي الأوداج والجيوب، وكل عدتهم قليل من الحيلة ولسان كذوب وشعيرات في أسفل الوجه قد تطول، حسب الحاجة ومتطلبات الاستغفال.
المليارات السبعة والثلاثون والتي ستنفق ـ إن صدقوا ـ على مشاريع تنموية، ليتها تتجه أولا الى تنمية الانسان وغسل عقول الناس من الخرافات والدجل والشعوذة التي علقت بعقول الكويتيين على مدى أكثر من ثلاثين عاما. فليست التنمية في الحجر ولكنها في البشر، وليت جزءا من هذه المليارات ينفق على بناء سجون لهؤلاء المشعوذين ومفسري الاحلام وخبراء التداوي بالاعشاب والخرافة والرقى، وجزءا آخر ينفق على إنشاء مصحات نفسية يتم فيها معالجة المصدقين بهؤلاء المشعوذين وضحايا المعالجين بالرقية والأعشاب والدجل.
إن كانت الحكومة جادة ـ وأقسم إنها ليست جادة ـ فعليها أن تتعامل مع هذه الزمرة الدجالة، تعاملها مع تجار المخدرات، فخطر هؤلاء أكثر من خطر المخدرات وتجارها، وضحاياهم أسوأ حالا من ضحايا المخدرات.
[email protected]