نحن نكتب لا للكتابة فقط أو لإشباع هواية، فالهواية التي لا هدف منها هي إسراف في الوقت والمال والجهد، لكننا نكتب لأننا نعلم أن وسائل الإعلام والصحافة هي صفحات التاريخ، وهي مذكرات الدفاع عن وطن مظلوم يعقه أبناؤه بكل مستوياتهم، نكتب.. رغم الرقابة الذاتية ورقابة إدارة الصحيفة، نكتب لتكون كتاباتنا دليل إدانة بالكلمة والصورة لمن يعبث في البلد وبأحوال أهل البلد مهما كان موقعه، إذا كان من يعبث في بلدي لا يخشى الخالق، فطبيعي انه لا يخشى المخلوق، أذكره بأن الله لم يخلق الخلق وينساهم، فهم تحت رقابته (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) وانه سبحانه يمهل ولا يهمل، وان لله جنودا في الأرض لا نحصي عددهم ولا نعرف نوعهم (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) ولنعي قول الله عز وجل (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين) وأذكره بأن دوام الحال من المحال، نحن شعب كثير النسيان ولا نستفيد من التاريخ، وما الغزو العراقي ببعيد، يعتقد البعض ان ما حصل هو خطة أميركية، لا والله، إنه إنذار رباني شديد، لنصحو من سبات عميق، أغمضنا أعيننا ليلة الخميس ونحن نملك كل شيء واستيقظنا وكأننا ريش في مهب الريح لا نملك اسماءنا، لقد بدل الله حالنا من حال الى حال، كان ابتلاء من الله وليس من سياسة أحد، ومن يبحث ويحلل، سيجد أن هناك معجزات ربانية حصلت، لكن عقولنا تكابر في تصديقها، فمن يستطع أن يسخر كل الدنيا لقضيتنا؟ من يستطع أن يجمع الشرق والغرب في اتجاه واحد؟ من يستطع ان يجمع الأضداد (كالحياة والموت، النار والماء..الخ) غير الله سبحانه؟ من استطاع أن يوحد قرار روسيا وأمريكا في قضية وحيدة ولفترة وجيزة ثم يعود الخلاف بينهم كالمعتاد وكأنها عصا نبي الله موسى؟ ظاهرة لم تحصل في التاريخ إنها معجزة وليست من صنع بشر، كذلك إطفاء آبار النفط الذي قرر خبراء العلم والتكنولوجيا أنها تحتاج لسبع سنوات لإخمادها، لكن الخبير العليم أطفأها بستة شهور، والأمثلة كثيرة جدا، أقول قولي هذا ليس سردا للتاريخ ولكن لأخذ الموعظة والعبرة، وأولها أن النعمة والخير الوفير والمناصب العليا ابتلاء أيما ابتلاء، أشد من الكوارث والمحن فالأخيرة تقربنا إلى الله، ندعوه ونستغيث به، أما في الأولى فيقترب منا أباليس الجن والأنس ليباعدوا بيننا وبين الله بالمعاصي والذنوب فيحللوا الحرام ويشرعوه، إن توزيع المسؤولية بما يسمى بالتسلسل الوظيفي لا يعفي الكبار من المسؤولية فالأمانة والمسؤولية لا تتجزأ، لا يتحجج المسؤول الكبير بقلة الوقت، أو بكثرة الأعداد، أو بكبر المساحة، فالتكنولوجيا، والعلم جعلت بالإمكان إدارة الأمور وأنت في غرفة نومك، أو طائرتك، لكن المشكلة في اختيار القيادات المسؤولة ونوعيتها (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) فالخوف من ذلك الذي ظلم نفسه بجهله، وظلم أسرته بغبائه وكسله، ثم ظلم قومه، ربما هو لا يعلم، فعلى الذين من حوله أن يرشدوه، ويجعلوه «سابق بالخيرات» كما وصفه ملك الملوك وهى أعلى مراتب الفوز بحب الله ثم محبة الناس، او كما نقول«فلان الله يذكره بالخير»فمن عمل خيرا لوطنه وللناس سيخلده التاريخ.
خلاصة القول: قول الحق (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
وقوله تعالى (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد).
[email protected]