أطلت علينا الصحف أمس الأول بخبر تصدر الصفحات الأولى وبخط عريض «إنشاء مستشفى خاص للإطفائيين»، وحتى أكون أمينا في نقل الخبر فهو مشروع قانون سيخرج من لجنة المرافق بمجلس الأمة إلى المجلس لإقراره.
بداية، كل الشكر والتقدير للأبطال من منتسبي الإطفاء، إذ لا يوجد إنسان ينكر فضل هؤلاء الرجال على البلاد والعباد بداية من الاستعانة بهم في خلع خاتم من إصبع مواطن او إنقاذ قطة في حفرة او فوق الابراج، ناهيك عن حرائق النفط والطائرات والسفن وكل الحوادث وما تعجز عنه مؤسسات الدولة في السلم والحرب، إن من ينكر فضل الإطفائيين جاحد.
وكما يقولون «ومن الحب ما قتل» فمن شدة حبنا لهؤلاء الرجال ألبسناهم وزيناهم بأطقم من الذهب والألماس والجواهر الغالية ظنا منا أننا أكرمناهم وفى الحقيقة ان الذهب والألماس والجواهر ملبوس النساء، فهذا ليس تكريما لهم بل هذا ينطبق عليه المثل الكويتي «امدحه وخذ عباته»، الإطفائيون مواطنون فإذا كانوا يحملون رتبا عسكرية فكل المستشفيات العسكرية من جيش وشرطة وحرس وطني في خدمتهم بل الدولة بأكملها ترعاهم رعاية خاصة وهم يستاهلون.
ما يهمني في الموضوع هو مستوى المسؤولية التي يفكر بها نواب الشعب لقضايا الوطن ومشاكل الناس، فكم مركز إطفاء لدينا وكم عدد الإطفائيين في الكويت انهم قليل، إن إنشاء مستشفى خاص بهم عبث واستهزاء بعقول المواطنين، فاستقطاع آلاف الأمتار من الأرض نحن بحاجة لها للإسكان وصرف ملايين الدنانير للبناء والتجهيزات وتوظيف المئات من البشر وصرف الميزانيات لعدد محدود لا يتجاوز اصابع اليدين يراجعون المستشفى المقترح فمثلا إطفائي الجيش وكذلك إطفائي شركات النفط والشرطة والحرس يراجعون أي مستشفى (العسكري ام مستشفى الإطفائيين المقترح)؟ كذلك حين يتقاعد الإطفائي اين يذهب؟ أليس من الأولى الاهتمام بمستشفى للمتقاعدين «مستشفى التأمينات الاجتماعية»؟! ان عدد المتقاعدين يساوي مئات الأضعاف من الإطفائيين وهو مشروع يستحق التنفيذ شرعا وقانونا وإنسانيا لأن منتسبي التأمينات (المتقاعدين) كمنتسبي مقبرة الصليبخات تذكر اسماؤهم ولا تذكر وظائفهم ومقاماتهم الا من يدعو لهم بالخير ويرحم حالهم، منتسبو التأمينات يحملون صفات جديرة بالتقدير والأولوية فهم كويتيون منهم الآباء والأجداد، يستحقون الرعاية والحنان، أعطوا الوطن زهرة شبابهم وامتصت الدولة رحيق عنفوانهم.. فأين الوفاء؟
ان سكان الكويت ينقسمون الى ثلاث فئات: فئة الوافدين، وفئة المواطنين المتقاعدين، وفئة غير المتقاعدين، كل فئة منهم تستحق مستشفى خاصا بها، وكما يقول المثل المصري «شيل ده من ده يرتاح ده عن ده»، فوجود مستشفى للوافدين ومستشفى للمتقاعدين ومستشفى لغير المتقاعدين فكرة أهم وأجدى بالدراسة والبحث من مستشفى للإطفائيين، فكم من مشاكل تحدث سببها اختلاط الفئات الثلاث، هذا يشعر بالظلم، والآخر يشعر بالحسرة على ما فات من عمره في خدمة الجميع دون تقدير ووفاء.
إن إقرار هذا الاقتراح سيفتح الباب للتحزبات، فالمعلمون سيطالبون بمستشفى، وكذلك المهندسون والمحامون.. الخ، ثم الطوائف والقبائل، ان مستشفى المتقاعدين هو الرباط الذي يوحد الشعب، والباب القانوني الذي تستطيع الدولة تكريم الرعيل الأول من خلاله.
فيا نواب الشعب عليكم بالأهم واعلموا أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية كلكم واردوها.. «يا الله حسن الخاتمة».
[email protected]