للولايات المتحدة في قلب كل كويتي أصيل مكانة خاصة وفضل لا يُنسى أبداً، فهي الصديق الوفي الذي تجده بجانبك عند المحن، فمنذ أكثر من قرن وتحديدا عام 1831 هجم على الكويت أعداء كـُثر لا تراهم العين قضوا على نصف الكويتيين، إنها الأمراض الفتاكة كالطاعون والجدري وغيرها وما كان للكويتيين من خيار إلا رحمة الله سبحانه، فسخر لهم الاسباب حيث طلب الشيخ مبارك الكبير«فزعة» الاميركان لإنقاذ الكويت وتحريرها من غزو الامراض، فكان افتتاح مستشفى الارسالية الاميركية (الامريكاني) عام 1913 وهو أول مبني يبنى بالاسمنت المسلح (المستورد) فكان قلعة دفاع يلجأ لها أهل الكويت عند ابتلائهم بالامراض وكم كسب الاميركان من الاجر والثواب عند ربهم بهذا الفعل الانساني «والنوايا الحسنة» المتبادلة بين الاميركان وأهل الكويت لم يعكر صفو العلاقات اختلاف العِرق والدين، رغم اجتهاد البعض بالحكمة والموعظة الحسنة بالتبشير لدين كل منهما، ونستنتج من ذلك خُلق المؤمنين من الطرفين، فالطرف الذي يئس من الوصول الى هدفه لم يقطع خدماته وفضله ويرحل لأن «النوايا حسنة»، كما أن الطرف الآخر لم يقم بعمل إرهابي وانتقام حين وجد من يدعوه لدين آخر، لأنه مؤمن بربه الذي أمره بأن يقول لهم: «لكم دينكم ولي دين» وأن يرد احسانهم بإحسان، عملاً وسلوكاً (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ).
وبعد عشرات السنين يجتاح الكويت غزو شقيق من جلدتنا نفس العرق والدين والجيرة، ويطبق على انفاسنا كما الطاعون والجدري بعد ان رحل «الامريكاني»، لكن الصديق الوفي لا تغيّره السنين ولا الاحداث، فأرسل جنده واشهر أسلحته، وطهّر الكويت من الوباء الخبيث، وعاد لعرينه حاملا معه دعوات اهل الكويت شكراً وامتناناً على إنقاذهم من غزوين، الأول اجتياح الطاعون والجدري وغيرهم في القرن الماضي، والثاني الغزو العراقي الغاشم في القرن الحالي، كل ذلك بفضل من الله وتسخيره.
أسترجع الماضي لأستشهد به قوة العلاقات بين الولايات المتحدة الاميركية ودولة الكويت، فالبلدان يتشابهان بعدة نواح، فالولايات المتحدة نشأت عام 1776، أما الكويت فحكم اسرة الصباح بدأ عام 1753، تكوّن الشعب الأميركي من هجرات بعض الشعوب، وكذلك الشعب الكويتي، بينما نجد أن الشعبان الاميركي والكويتي، اختارا الديمقراطية وحرية الرأي حياة لهما، لذلك أنا كمواطن كويتي لا تزعجني تلك الفقاعات الصابونية التي تتطاير بالهواء من مرشحي الرئاسة الأميركية سواء كلينتون أو ترامب عندما يذكران الكويت بسوء، أصبحتُ لا أجزع، فلقد تعودت على مناخ الانتخابات أكثر من نصف قرن، فأغلب ما يقال أثناء الحملات الانتخابية لا أصل له، إنما لمكاسب شخصية للمرشح، ومزايدات تولد ميتة، لذلك أتمنى ألا يتأثر الشعبان الأميركي والكويتي بتلك الأقوال، ولا يفرح أعداؤنا بتلك الشطحات، إنها كزبد البحر.
نحمد الله على ان بلدينا تحكمهما مؤسسات ثابتة تسير على نهج راسخ، وسياسة واضحة، فتحية خالصة ملؤها الحب والاحترام للشعب الأميركي من مواطن كويتي سيصم آذانه عما يقال بهذه الفترة الحرجة حتى ينطلق الدخان الأبيض. [email protected]