«الله لا يغير علينا».. دعاء، يردده الكويتيون، منذ خلقت الكويت، ربما لأنه دليل قناعة وزهد، فاستمر معهم إلى يومنا هذا، لكن الله سبحانه وتعالى إذا أحب قوما رزقهم من غير أن يطلبوه، فكيف إذا طلبوه، إن الله كريم، جزيل العطاء، كثير النعم، إذا أعطى، فعطاؤه يرضي النفس الشرهة (.. ولسوف يعطيك ربك فترضى).. يا لعظمة الله، يحث عباده على الطلب منه، وأن يلحوا عليه بالدعاء والطلب ويعدهم بالاستجابة (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) ونحن نقول لربنا سبحانه: اكتفينا بما لدينا «الله لا يغير علينا».
لقد غير الله حال الكويت والكويتيين من حال إلى حال، من فقر إلى غنى، ومن جهل إلى تعليم، ومن ضيق إلى سعة، ومع ذلك يقول الكويتيون «الله لا يغير علينا» دون طلب للأفضل والزيادة، رب العزة والجلالة يعدنا بالزيادة (لإن شكرتم لأزيدنكم) ونحن ندعو «الله لا يغير علينا» لا نريد زيادة ولا نقصا، نريد كما يقول المثل:«على طمام المرحوم» لا نحب التغيير، والعالم من حولنا يتغير، نطالب بالتقدم والرقي.. وندعو: «الله لا يغير علينا».
كان لدينا مجلس أمة - هادي وطيب - فدعونا «الله لا يغير علينا» فتم حله.
كانت لدينا حكومة - هادئة وطيبة - فدعونا «الله لا يغير علينا» فاستقالت الحكومة، ودخلنا معمعة الانتخابات وظهرت أصوات تنادي بالتغيير في كل شيء، بل تجاوزت المناداة سقف المطلوب، حيث دعا البعض إلى تغيير رئيسي السلطتين، وكل الوزراء وجميع النواب، حتى تفاءلنا بصحوة حقيقية، تعيدنا لأوائل الستينيات، حقبة النهضة الحقيقية، لكن إصرارنا على ألا يغير الله حالنا حتى وإن كان التغيير للأفضل وللأحسن، دعوة جميلة لكن فيها عدم طموح، وتهبيط للهمم، الله سبحانه جعل الجنة درجات، فمن يزيد في العبادة، يجني مزيدا من الرضا والثواب، والأجر على قدر المشقة، الله سبحانه يعطي حسب طلب عبده، فسيدنا يوسف نبي الله ورسوله طلب من ربه أن يدخله السجن (قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) فاستجاب الله له وأعطاه حسب ما طلب، وأدخل السجن.
كذلك نحن شعب الكويت دعاؤنا الدائم «الله لا يغير علينا» فاستجاب الله لنا، ولم يغير علينا، فعاد كل شيء كما كان، عاد رئيس الوزراء، وعاد رئيس مجلس الأمة، وعادت أغلبية أعضاء مجلس الأمة، حتى قادة ورؤساء الهيئات والمجالس ومديري الإدارات لم يتغير شيء، «الله لا يغير علينا»، الحمد لله.. على نياتكم ترزقون، يقول أحد الأصدقاء: جملة «إن شاء الله» وهي جملة طيبة وفرض رباني (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله)، وآية أخرى (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين).
يقول هذا الصديق عندما اسمع هذه الجملة أشعر بأن قائلها لا ينوي التنفيذ أو العمل الجاد، سبحان الله جملة مقدسة جعلوها فك مجالس، وتسويف الأمور، والعلم عند الله ثم في انفس البشر وضمائرهم، لذلك يقول الخالق عز وجل: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) نحن بحاجة للتغيير!
[email protected]