لن أتكلم عن العملاق الكويتي عبدالحسين عبدالرضا، فأي كلام عنه لن يوفيه حقه، ولن يكون كلامي أفضل مما قيل فيه، ولكن لماذا؟ لماذا لم يستمتع أبوعدنان بهذه المحبة واللحمة الوطنية التي صنعها! لماذا لم يشعر بها في حياته؟ رغم انه نادى بها في كل أعماله، بل لماذا يظهر معدن الشعب الكويتي في المآسي والكوارث فقط؟ أيام الاحتلال اختلطت دماء شباب المقاومة من كل الاطياف في «بيت القرين» وعلى بلاطة واحدة، واليوم اختلطت دموع الشعب الكويتي برحيل ابوعدنان.
لو بحثنا عن حسنة واحدة للاحتلال لقلنا انها التلاحم والروح الوطنية للكويتيين لدرجة ان العدو الغاصب لم يجد خائنا كويتيا واحدا، إنه «الولاء الكويتي» الذي يمحو كل ولاء، فمن حمل هوية الكويت يحلف ويقسم أن لا ولاء ولا انتماء إلا للكويت، وكان درسا بأن الولاء لا يتجزأ، فكانوا حقا كويتيين.
إن وفاتك يا ابوعدنان أشعلت الروح الوطنية، وأعادت طعم ومذاق اللحمة والولاء الوطني، فكل عيون شعب الكويت بكل اعراقه وطوائفه تقاطرت دموعها حزنا عليك، فهؤلاء جيرانك العوازم ألغوا حفلة زواج ابنهم الى موعد آخر حزنا وتضامنا ومشاركة لأهل بيت أبوعدنان.
هذي هي الكويت لا «O» ولا «B» فصيلة دم الكويتي، إن ما يجري في عروقنا هو دم فصيلته «الحب والولاء للكويت».
رحيلك يا أبوعدنان رغم انه حسرة في قلوبنا، زاد من حسرتنا انه في أغسطس المشؤوم (ذكرى الاحتلال) لكنك كما عودتنا تصنع من المر حلاوة ومن الحزن ابتسامة، وتزرع الفرحة والأمل في قلوبنا، فكلما تذكرنا مرارة الاحتلال الصدامي، تذوقنا حلاوة التلاحم والتعاضد والتضامن بين أهل الكويت والتي جسدتها انت من خلال إبداعك المسرحي.
يشاء الله العلي القدير أن يضرب لنا مثلا آخر بشباب نزغ الشيطان في عقولهم ونزع الولاء من قلوبهم فبيتوا الشر لوطنهم معتقدين ان ما يسعون له هو الافضل، وان ما سمعوه اثناء غسيل أمخاخهم واقع، فكان الله لهم بالمرصاد فكشف نواياهم فصدرت الاحكام النهائية فهربوا.
ما أفرحني ليس القبض عليهم أمس قبل أن يوارى جثمان ابوعدنان لمثواه الاخير ولكن لأنهم شعروا وأحسوا بأن شعب الكويت عائلة واحدة رغم اختلاف اسمائهم، وان تأثير نبأ وفاة ابن الكويت عبدالحسين عبدالرضا الذي نزل كالصاعقة على مسامع الكويتيين أنزل دمعتهم فور سماع الخبر (كأنها بالريموت كنترول) لا تعرف صاحب هذه الدمعة حضري - بدوي - شيعي - سني هذي هي الكويت، اذا أصابها ألم تداعى لها كل الشعب بالفزعة والنخوة وبالخلق العظيم. لقد أعطى ابن الكويت عبدالحسين عبدالرضا آخر درس من دروسه في حب الوطن، «فليت قومي يعلمون».. نسأل الله العلي القدير أن يرحم ابوعدنان وأن يغفر له ويسكنه فسيح جناته وأن يأجره ويثيبه على كل ابتسامة صنعها «صدقة».. حين فقدنا الوطن كنا كالجسد الواحد، وحين فقدنا مواطنا كان شعورنا واحدا. إنها الكويت.. تحبها، تحبك.
[email protected]