في بداية الستينيات رافقت خالي يوسف، يرحمه الله، مع أصدقائه إلى قهوة في رأس السالمية موقعها حاليا عند عمارة لؤلؤة المرزوق، وكانت عبارة عن جزيرة صناعية بسيطة أو كما نسميها (عرزالة) بحرية، حيث يجلس الزبائن(المحظوظون) على ثلاثة جوانب من الطاولة والجانب الرابع على البحر وملاصق لسور (العرزالة)، كان زبائن هذا المقهى يستمتعون بمنظر البحر على مد النظر، وبطراوة الجو، وصوت أمواج البحر، مع رائحة القهوة، وطعم الشاي، وقليل من المكسرات، وكان البعض من رواد المقهى بيدهم سنارة لصيد الاسماك، كان هذا المقهى (وربما كان مطعما) ممتعا جدا لم يغب عن ذاكرتي مذ كنت طفلا في العاشرة من العمر، أتذكر ذلك الزمن وأقارنه باليوم أجد في الماضي كل معاني البساطة والسماحة والإبداع في كل شيء، بداية من المسؤول الحكومي الذي ما ان يقتنع بالفكرة بانها تخدم الناس وتشرح صدورهم، حتى يوافق ويعطي التراخيص، كذلك صاحب المقهى (وأعتقد انه لبناني) أبدع وعرف ما يحبه الناس، وما ينقصهم وخصوصا الوافدين الذين ينشدون الهواء الطلق والأجواء المفتوحة، هذا النوع من المقاهي هو ما تعشقه النفس البشرية بعد ان ضاقت من عبء الحياة وضيق المساحات، والجدران الأربعة من غرف المكاتب والبيوت والزحمة التي تضيق الخلق، لم تكن مقاهي ذلك الزمان مجرد بيع قهوة وشاي بل كانت كالعيادات النفسية يأتيها المهموم ويعود منشرح الصدر، ويأتيها التجار فتكون جلسة عمل، ويأتيها الفقير فتكون باب رزق وسوقا للعمالة.
أما مقاهي اليوم فيأتيها المهموم ويزيد هما بما يسمعه من مشاكل، عدا شكل المقهى الذي كان كراجا لسيارة، والكراسي على الرصيف، ما ان يظهر مراقب البلدية حتى يجذبها مغناطيس الى داخل المحل.
أتدري عزيزي القارئ لماذا كتبت هذا المقال ولماذا تذكرت قصة ذلك المقهى (منذ اكثر من نصف قرن)؟ لأنني اشتقت لذلك الجو، واشتقت للابداع، واشتقت لسماحة المسؤولين الحكوميين وبساطتهم حين يقتنعون بالفكرة فيبرزونها ويضيفون عليها، ويشجعون على تنفيذها،
في هذه الايام تشجع الدولة الشباب على العمل الحر، وتقدم لهم الأراضي والقروض الميسرة.
لدي فكرة أطرحها على الحكومة وللشباب، سأختصرها جدا في ببعض السطور لان تفاصيلها لا يستوعبه مقال، للاسف لن اجد موقعا مثل ذلك المقهى لان كل سواحل الكويت تم وضع اليد عليها، أما البديل فهو «البر» هناك موقع وحيد يصلح لفكرة مشروع «المقاهي والمطاعم والمتنزهات» وهذا الموقع يمتاز بما يلي:
1- مقبل على نهضة عمرانية ضخمة.
2- حركة عمل كثيفة وتردد المواطنين عليه.
3- يمتاز بموقع جغرافي عجيب.
4- يمتاز بتضاريس ومرتفعات طبيعية تجعل الرؤية من خلاله جذابة ومريحة للعين مع منظر جميل.
5- سيصبح مركزا للاستراحات لأنه على طريق سفر.
6- عند الانتهاء من بناء المدن القريبة منه سيكون ملتقى للعائلات ومتنفسا لأبنائهم.
هذا الموقع هو تلة المطلاع القريب من مخفر الشرطة القديم، فحين تسلك طريق الجهراء متجها للمطلاع عند نهاية المطلع قف وانظر تجد مدينة الجهراء وساحل البحر (الخويسات وكاظمة) تحت نظرك، أما في الليل فترى أنوار الجهراء متلألئة بألوانها المختلفة كأنها الثريا، هذا الموقع يكون على حافة التل وهو افضل موقع تقام عليه المقاهي والمطاعم ويفرض على أصحابها إنشاء حدائق، وبناء نوافير وشلالات صناعية، ووضع ألعاب للاطفال، ومسجد، انها قرية ترفيهية متكاملة، (أو مثل قرى «الأوت لت» في أميركا وأوروبا) وهناك تفاصيل اخرى، وبما ان الدولة شرعت في بناء مدن جديدة في المطلاع، فسيستفيد من هذه الفكرة كل الشعب كموقع ترفيهي وسياحي مكمل ومشجع يحيي المنطقة ويسرع السكن في المدن الجديدة.
ادعو الجميع الى ان يذهبوا لذلك الموقع ليروا جمال المنظر، ويبدوا رأيهم قبل ان نخسر هذا الموقع في مشروع خاص او مبنى أصم لا ينفع الا اصحابه.
اللهم اشرح صدور المسؤولين وألن قلوبهم وابعد عنهم الحاقدين والحساد وانفع بهم البلاد والعباد.
[email protected]