يروى ان شابا احترف النصب على «خلق الله» وجمع من وراء ذلك ثروة طائلة، الا انه شعر بعد فترة من الزمن بتأنيب الضمير، وقرر ان يعيد تلك الأموال الى الذين نصب عليهم والسبب في ذلك ما دار بينه وبين حكيم بلدته.
النصاب: لقد عشت فترة شبابي وأنا أكذب وأنصب فهل يمكن ان تقدم لي موعظة تكون سببا في توبتي؟
الحكيم: اعلم أيها الرجل بأن الرازق هو الله سبحانه وتعالى فقط،
ويقول الشاعر:
توكلت على الله رازقي
وأيقنت ان الله لاشك رازقي
وعليك ان تعلم أيضا ان لطف الله قريب، ولا تتعجل الفرج ولا تقل دعوت ربي فلم يستجب لي، بل قل «حسبي الله ونعم الوكيل» فقط.
النصاب: هل لك ان تذكر لي قصة تتحدث عما قلته؟
الحكيم: يروى ان رجلا ضاقت عليه الدنيا حتى لم يبق في بيته طعام لأهله ولنفسه، فقالت له زوجته: سنموت من الجوع، اذهب وابحث لنا عن طعام، فذهب الى احدى قريباته وطلب منها الطعام، فقالت له: لا يوجد في بيتنا إلا سمكة «ميتة» منذ مدة، ورائحتها نتنة، فأخذها وعندما فتح بطنها وجد لؤلؤة نادرة فباعها بأغلى الأثمان، وأعطى قريبته مبلغا من المال وأخذ الباقي له.. واعلم ان الفرج قريب بإذن الله.
النصاب: هل لك ان تزدني ايها الحكيم؟
الحكيم: لا تحزن يا رجل لتأخر الرزق عليك، يروى انه كانت هناك حية عمياء تعيش أعلى النخلة فكان يأتيها عصفور، فإذا اقترب منها أصدر صوتا فتفتح الحية فمها فيطعمها أكلها «سبحانك ربي».
النصاب: ولكني دعوت ربي ان يرزقني ولم أجد لدعائي اي اجابة؟
الحكيم: اعلم ان الصبر والفرج من الله سبحانه وتعالى، ولا تقل إنني صبرت وان صبري له «موعد» يجب ان تتم فيه الاستجابة، وعليك بالاستمرار في الدعاء وستفرج بإذن الله.
يقول الشاعر:
سأصبر حتى يعلم الصبر أنني
صبرت على أمر أمرّ من الصبر
ويقول آخر:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
النصاب: جزاك الله خيرا أيها الحكيم على هذه النصائح القيّمة، وسأبدأ غدا بإرجاع ما جمعته من ثروة لأصحابه.
أسوق القصة السابقة بعد ان انتشرت ظاهرة الأغذية الفاسدة في البلاد، حيث يعمد بعض ضعاف النفوس من التجار الى الاحتيال على «خلق الله» بالادعاءات الكاذبة للترويج لسلعهم بطرق غير مشروعة، وليعلموا ان هناك حسابا في الدنيا قبل الآخرة، وان هذا لن يفيدهم بشيء، وليعلم هؤلاء ان الله يراقبهم ويعلم ما يفعلونه، وان هذه الأغذية الفاسدة تكون سببا في مرض الكثير من الناس وقد تؤدي بهم الى الوفاة فلا تستعجل أيها التاجر بجمع الأموال الطائلة غير المشروعة، فإن كان لك رزق قد كتبه الله لك فستأخذه ولكن بالطرق المشروعة.
آخر المطاف: كل الشكر والتقدير لوزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح على ديبلوماسيته الهادئة، وجهوده الكبيرة والعظيمة لإنجاح سياستنا الخارجية، وإلى مزيد من التقدم والانجازات.
[email protected]