كاركاتير معبر يقول أحدهم: الراتب نزل في البنك فيجيبه الثاني: أجرنا وأجرك! هذه حالة الكثيرين وتختصر معاناتهم التي يعيشونها حاليا فبمجرد نزول الراتب تطلع لك بلاوي ما كنت حاسب حسابها وحتى سيارتك «تتدلع» وتشم ريحة الراتب فتظهر العلامات فيها بشكل لافت للنظر وغريب وكأنها تريد أن تنتقم منك ولا تريدك أن تتهنى براتبك!
لم يعد الراتب في وقتنا الحاضر يكفي في ظل هذا الغلاء وسمي «ما عاش» كناية على انه لا يستمر معاك لنهاية الشهر فأعجبني تعليق يقول: العشرون دينارا في بداية الشهر كأنها دينار وفي نهاية الشهر يصبح الدينار كأنه عشرون دينارا، لقد أصبحت متطلبات الحياة ليست كالسابق فمثلا قبل الغزو كنت تملأ «عربانة» الجمعية بمبلغ 30 دينارا وتقول: ليش غالية الجمعية والآن نفس العربانة تملأ نصفها بمبلغ 100 دينار وتقول: شنو شريت علشان يطلع هالمبلغ!
نجد أن أكثر الفئات التي تشعر بأن راتبها قد حاشه الجفاف هم «المتقاعدون» بسبب عمليات «الهدم» التي أصابت رواتبهم بعد أن كانت في مستويات محترمة ولم تعد تقاوم صعوبة الحياة، فالأسرة قد كبرت والمتطلبات زادت فتجعل رب الأسرة «يشيخ» لعدم مقدرته على مواجهة تلك الصعاب كما هي حالة صديق عزيز عندما يقول: إن الراتب التقاعدي ينزل تقريبا كل 10 من بداية الشهر فتجد الكل «يخمط» من هالراتب (قسط سيارة، مخالفات العيال، عمالة منزلية، مطاعم..) فتجد الراتب قد «توزع» دون أن يصيبني أي نصيب رغم انني صاحبه!
أصبح الراتب يشكل 80% من اعتماد الأسر الكويتية في تصريف أمورها لعدم السماح بالعمل في وظيفتين من أجل تحسين مستوى المعيشة، مع العلم بأننا قبل الغزو كنا نستنكر من يعمل في وظيفتين لأن المستوى المعيشي للجميع في نعمة وبخير وما زلنا كذلك ولكن الغلاء الحالي هو الذي «ذبحنا» دون وجود مراقبة مستمرة للجشع عند الكثير من التجار، فتشاهد الكثير من الشباب يعرضون منتجاتهم «عليكم بالعافية» في وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تحسين مستوى دخلهم وعدم الاعتماد على أسرهم في مصروفهم اليومي لأن الكثير منهم لا يعمل وبانتظار الوظيفة التي ما زال ينتظرها منذ مدة طويلة ويحرج بأن يطلب من والديه «عشرة دنانير» لأنه يعرف «البير وغطاه» ولا يريد أن يحرجهم بذلك الطلب.
وأخيرا، على الدولة أن تتراجع في بعض قراراتها مثل نهاية الخدمة لمن بلغ 30 سنة وخاصة إذا كان قادرا على العطاء فمن باب أولى إنهاء خدمات الوافد لأن «دهنا في مكبتنا» ونعمل على «تكويت» الكثير من الوظائف حتى تسير عجلة التوظيف بشكل سريع، كذلك الاستعانة بالكثير من المتقاعدين أصحاب الكفاءات كمستشارين ولديهم الخبرة المميزة وعندهم المقدرة على إيجاد الحلول بشكل سريع ودون تعقيد، إعطاء ميزة من يريد التقاعد بعد عطائه لفترة طويلة مبلغا فوق الراتب كنوع من رد الجميل وليس «نحر» الراتب كما هو الحاصل حاليا.
آخر الكلام: طلب أحدهم من الإمام أن يدعو دعاء خاصا لنزول الراتب بناء على طلب المصلين «المتقاعدين» لأن الوضع «تعيس» عندهم.