قبل سبع سنوات دخل «جد» أحد الطلاب إلى مكتبي في المدرسة حول مشكلة حصلت لحفيده وتم حل المشكلة ولله الحمد، وبدأ بالسوالف حول الماضي واستأذنته بكتابة ما يقوله لأن كلامه من ذهب وصاحب خبرة في الحياة، ودونت ما قاله في دفتر الملاحظات، وبعد تقاعدي وترتيب الأوراق رأيت ذلك الدفتر وتذكرت حديثه معي، وكان عمره في ذلك الوقت 70 عاما ولا أعلم إن كان قد توفي أم لا، وقمت بتخصيص هذه المقالة من أجل أن يستفيد منها الجميع وخاصة جيل الشباب، فكانت هذه الحكم أو السوالف باللهجة المحلية فقمت بتصرف مني بتوضيحها للقارئ العزيز بالأسلوب البسيط:
كنا مجتمعا متماسكا ولا نعرف «الحقد» أو نكره أحدا، فإن كان هناك شيء في قلوبنا على أحد فكنا نكتم ذلك لأننا لا نريد أن نؤذي غيرنا بمثل هذا الشعور حتى نظل متحابين لأن الزمن كفيل بمحو الماضي.
لا تستعجل رزقك، تأكد يا بوفهد بأن الله سبحانه وتعالى راح يعطيك أكثر مما تعتقد، وأنا أعرف الكثير من الأصدقاء كانت حالتهم المادية «صفرا» وفي فترة بسيطة أصبحوا من أغنياء الكويت.
شوف أكثر التجار قرارهم بيدهم لا يحبون أن يتحكم بهم أحد، وان من أسباب نجاحهم أن القرار عندهم فقط وتشوف أن أغلب الشركات العائلية ناجحة لأن قرارها بيدها لا بيد غيرها.
استمتع بحياتك وروح سافر ولا تتعذر بأن فلوسك قليلة، ترى يا بوفهد التجربة والسفر أهم من الفلوس بكثير.
الدنيا علمتني أن أكون قنوعا بما أتاني الله من نعم، فلهذا السبب عمري ما قارنت نفسي بما عند غيري لأني راح أتعب طول عمري وما راح استمتع بما عندي من نعم.
الدنيا هذه زائلة وإذ لم تخصص لك في كل يوم شيئا ينفعك في آخرتك فلن تكون سعيدا أبدا، فاحرص على أن تكون مع الله في كل يوم من خلال صدقة، دعاء، ذكر..
مهما بلغت من العمر فاحرص على أن تمشي في الفريچ أو البحر.. ترى الأمر ما ياخذ منك وقتا ولكنه مهم لصحتك واترك عنك سالفة الرجيم لأنه مهما سويت راح ترجع مرة ثانية لنفس وزنك.
كثير من الناس ممن أعرفهم أشوفهم دائما ضايق خلقهم على كل شيء، ولو عرفت سبب هذه الضيقة لعلمت أن أكثرها تافه، فوقتهم ضاع بسبب هذا الشعور، وكذلك لا تأخذ كل شيء بشكل جدي وتعيش دور «سي سيد» فعش حياتك بكل بساطة.
وكانت النصيحة الأخيرة فيها شيء من الفكاهة عندما قال لي: حط لك في بيتكم طيور، دجاج، قطاوة، حمام.. حتى تحس أن هناك أحدا تشعر بوجوده عندما تكبر في العمر وراح تعرف أن ما قلته لك ليس غشمرة بل ستعرف أنهم سيشكلون لك في حياتك في وقتها أعز الأصدقاء.
تلك الحكم هي بعض ما قاله ذلك «الجد»، وأسأل الله أن يرحمه برحمته ان كان قد توفي وهي مهداة مني علها تنفع الجميع فتكون لهم دروس في الحياة بالمجان.
[email protected]