واهم كل من يعتقد أن وضعنا الصحي في البلاد يسير على ما يرام، وواهم أيضا كل من يعتقد أن تطوير قطاعنا الصحي بات ضربا من المستحيل، وواهم ـ أخيرا ـ كل من يعتقد اننا غير قادرين على مواكبة الدول المتقدمة الأخرى في جعل مستشفياتنا ومراكزنا الصحية تضم خيرة الكوادر الطبية والتمريضية القادرة والمتمكنة، التي هي أساس التطوير.
وكما هو معلوم ان تطوير قطاعنا الصحي كان ـ ولايزال ـ مطلبا أساسيا من قبل جميع المواطنين، وذلك بسبب التراجع والتردي اللذين يعاني منهما هذا القطاع لاسيما في الخدمات الصحية التي تحتاج الى تطوير واهتمام حكومي مكثف يواكب الزيادة السكانية في البلاد، ويجعلها تقدم للمواطن على المستوى المطلوب، إذا ما حظي هذا القطاع بأولوية مطلقة في جدول أعمال مجلس الأمة وحكومتنا الرشيدة، خصوصا ان وضعها بات سيئا للغاية وفي تراجع مستمر، بل أصبح هذا القطاع مرضا مزمنا يعاني منه المواطنون، والدليل على ذلك ازدياد عدد المبتعثين للعلاج في الخارج بسبب عجز المستشفيات في البلاد عن علاج حالات كثيرة، في حين لو قدرنا الانفاق الذي يتم على العلاج في الخارج في السنوات الماضية لكان باستطاعتنا إنشاء مدينة صحية متكاملة تستوعب كل الخبرات العالمية، والمشاركات الخارجية والبحث العلمي بنصف ميزانية العلاج بالخارج.
إن ما هو مطلوب من حكومتنا هو ان تجعل المواطن الكويتي يثق بمستشفياتنا الحكومية وقطاعنا الصحي بالكامل، وهذا لن يحدث ما لم يتم وضع استراتيجية مستقبلية من شأنها ان تصلح القطاع الصحي الحكومي وتجعله منافسا للمستشفيات الخاصة بما يصب في مصلحة المواطنين، وضرورة الاستعانة بخبرات متخصصة من المؤسسات العالمية لإدارة المستشفيات الحكومية، وبناء مستشفيات جديدة وفق مواصفات عالمية، وزيادة العيادات التخصصية في كل محافظة، حيث ان عياداتنا التخصصية غصت بالمراجعين الذين اصطفوا بالطوابير، مما يضطر المواطن الكويتي الى أن ينتظر ساعات طويلة ليحصل على العلاج، ولابد من توفير الكوادر الطبية المؤهلة، والتجهيزات الطبية المتقدمة وهذا من شأنه ان يحقق قفزة هائلة في القطاع الصحي، وستوفر الحكومة على نفسها الملايين الطائلة التي تنفقها على العلاج في الخارج في كل عام.
ومن نعم الله تعالى علينا انه حبا الكويت بخيرات وفيرة وكوادر طبية تستطيع ان تحقق ذلك، إذا ما كنا جادين في هذا الأمر، فلدينا رؤوس الأموال الوفيرة والقدرات اللازمة لانتشال الوضع الصحي المتردي وتجاوز تلك السلبيات، فهل آن الأوان لنبدأ بعلاج مرضنا المزمن؟!
وقفة:
لا يفوتني أن أثمن جهود وزارة الصحة على إقرارها كادر الأطباء والممرضين، فهي خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث حد هذا الكادر من عزوف الأطباء عن العمل في القطاع الحكومي، وكذلك أثني على جهود وزير الصحة د.هلال الساير وسعيه لتحسين الأوضاع الصحية منذ تسلمه الوزارة، وأسأل الله تعالى ان يحمي بلادنا من الأمراض ويديم علينا نعمة الأمن والأمان في ظل قيادة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي عهده الأمين وسمو رئيس مجلس الوزراء.
[email protected]