الحرية هي امتلاك الفكر السليم في الرؤية الحياتية السليمة، بعيدا عن أمرين - الأول: التقليد الأعمى، والثاني: ليس كل ما تشتهيه النفس تدركه، فالحرية هي امتلاك الفكر للنفس والتحكم بالشهوات، والعبودية هي امتلاك الفكر لغير النفس واتباع الشهوات، وهذا ما تعانيه الأمة الإسلامية اليوم من أبنائها، وأعلى مراتب غرس الفكر تكون بأمرين: الإحسان والتركيز بالجوهر والفكر لا بالشكل، حيث إن تنمية نفس الفرد على التبصر في الأمور الحياتية له شأن عظيم من حيث: قوة الشخصية وهيبتها - قوة الفكر - الإبداع - الشخصية الجذابة.
ولعل اليوم الكثير من أبناء المسلمين يتبعون الشهوات في جميع النواحي التي تؤمن لهم الرفاهية، وهذا اللهو فيه من الفتك الكبير في فكر أبناء المجتمع، فإن دائما التواء الفكر هو في الأصل نتاج أمور بسيطة نستهين بها في حياتنا من حيث الرغد والمعاملات، نستهين بالبساطة مع أنها شعار قوة فكر المؤمن ونتمسك في التكلف والتشدق ولو على حساب عقيدتنا وصحتنا وراحتنا النفسية التي هي نبراس معاشنا، واضرب أمثلة على بعض الأمور التي من شأنها تحرر أبنائك:
- عندما يود أبناؤك شراء لباس على الموضة اجعلهم يفكرون مرارا هل هي تناسب الشخصية المسلمة - هل هو لباس فيه تشبه لأحد غير المسلمين - هل هو لباس فيه من العري ما هو واضح؟ - ثمن ذلك اللباس عالٍ أم معقول وإن كان غاليا اغدق عليهم الفكر بنبذ الإسراف وأن الشيء بجماله ورقيه وجودته ورتابته لا بسعره.
- عندما تنتشر موضة الماركات الباهظة ولعل هناك الكثير من يرتدي التقليد منها، وعلى الرغم من أن المنتج غير أصلي، إلا أن الغالبية تصمم على ارتدائه افتخارا بالمنتج، فعلى سبيل المثال هناك من الموضة ما يكون شكلها على هيئة صليب أو ما شابه ذلك، وعلى الرغم من التوعية التي نهضت ضد تلك الكماليات إلا الكثير منهم من يصمم على ارتدائها دون أدنى فكر أو أدنى قوة إرادة بأن ذلك له من الأبعاد الفكرية العقائدية التي لا يأبه لها الكثير، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يعارض الكفار في سلوكياتهم ويحتوي فكر الصحابة والتابعين بعدم التشبه بهم سواء في الملبس أو المأكل أو أسلوب حياة.
- إن خرج أبناؤك للتنزه وجههم أن يختاروا الأوقات المناسبة التي لا تزدحم بالناس حتى يكونوا أسياد أنفسهم، إلى جانب عدم اتباع كل ما هو جديد ومسموع ومرئي فإن ذلك من أعظم اللهو واللعب الذي لم نخلق من أجله.
- إن شعر أبناؤك بالملل فالتملية لهم بأفكار بها عبادة ورفاهية صحية للنفس، فعلى سبيل المثال اصطحب أبناءك للمسجد لأداء الصلاة، اجعلهم يحفظون شيئا من القرآن وشجعهم عليه، اشتر لهم الكتب واجعلهم يقرأون ويناقشوك في الذي قرأوه، شجعهم على مشاهدة البرامج الثقافية والتي بها فكر، اشغلهم بأعمال داخل المنزل كل على تخصصه لكي تقيهم شر الكسل والاتكالية وخمول العقل اشركهم بالأندية لصقل هواياتهم.
فلتحم أبناءك من الانحدار للفكر والعبودية، ولتجعلهم أحرارا لا أسرى للترف على حساب عقيدتهم وفكرهم ونهضتهم، فكن قدوة حسنة لأبنائك - وهادئا في تلقينهم وجهة نظرك - ولطيفا ورفيقا في معاملتك لهم - وصبورا في صد الأفكار الملتوية التي تحت ستار الفتن، حتى يقوى لديهم الفكر وترضى عن تنشئتك لهم ويرضوك بالسلوك الحسن القويم البار.
@family_sciences