يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد القلوب من الله القلب القاسي» (رواه الترمذي)، استوقفني الحديث عند الكثير من الأمور، فإن الكثير من الناس من يحب الثرثرة واللغو خاصة في التجمعات العائلية وغيرها، وتدور الأحاديث عما يحدث حولنا من وقائع وأحداث وظواهر بلا فائدة ولا هدف، والسبب يرجع لحب اللغو السطحي البعيد عن الثقافة والفكر اللذين يكفلان على الأقل الفائدة من وراء اللغو، فالثرثرة ملاذ الناس واللسان يترجم ما في القلوب والأذهان، وبما أن وصف اللغو والثرثرة بالملاذ فهو شهوه لكل فاقد هدف مزعزع الإيمان وهنا يكمن الخطر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبو ذر: «ألا أعلمك بعمل خفيف على البدن ثقيل في الميزان؟» قال: بلى يا رسول الله، قال: «هو الصمت وحسن الخلق وترك ما لا يعنيك»، فالكثير من الناس يثرثرون على كل شيء دون ضوابط الدين ألا وهي الغيبة والنميمة والبهتان وقول الزور وكثرة السؤال والإلحاح والفضول وغيرها الكثير من النواهي التي تجعل من الشخص ينحدر في أخلاقه - يلتوي في فكره مما ينعكس عليه بانطباع سيئ، والغريب من هؤلاء البشر عندما تتحدث معهم في موضوع مفيد حول معلومات ثقافية أو قرآنية أو شيء من السنة النبوية سرعان ما يظهر عليهم النفور والتأفف والتذمر ازاء ذلك.
مصائب اللغو والثرثرة الدنيوية كثيرة وكبيرة منها «قساوة القلب – وانحدار الفكر – وضعف البصيرة – والغرق في المشاكل – وكثرة شر النفوس – وكثرة القيل والقال – وخلق مشاعر الحسد والغل والكراهية» وما سبق كله سبب رئيسي للكثير من الظواهر والمشاكل الاجتماعية.
أما قساوة القلب التي ذكرها رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام والتي سببها اللغو والثرثرة فنجد الشخص يقل إيمانه لانشغاله بالأمور التافهة والتي نهى ديننا الحنيف عن الاقتراب منها، حيث تجف الروح وتبتعد وتلهى عن ذكر الله فيقسو القلب ولا يعد به تعقل وموازنة للأمور، وهنا يكمن سبب نهي ديننا عن كثرة اللغو والثرثرة، فما أعظمه من دين، كما أنه أعطانا علاجات لذلك، «الصمت – وحسن الخلق – وترك ما لا يعنيك – والهجر الجميل – وترويض النفس على الخلق»، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آلة وصحبة أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
family_sciences@