التمترسات الفئوية التي نشهدها في يومنا الراهن ليست مفاجئة ولم تأت من عدم بل هي نتائج سبقتها مقدمات تراكمت طوال السنوات الماضية، ولم يتصد لها أحد بوسائل الوقاية العصرية وتحديث مفهوم المواطنة، رغم التحذيرات الكثيرة التي كان يطلقها المهتمون والمراقبون ممن كانوا يرصدون التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
لقد أسهمت السياسة السكانية والإسكانية وغياب مبدأ تكافؤ الفرص والتراخي في تطبيق القانون في استشراء حالة التشظي وتنامي النفس الفئوي لدى المواطن، وقد تزامن ذلك مع طوفان الأفكار السيادينية (السياسية الدينية) وتفشي الماضوية في وجدان الأجيال الجديدة حيث التعلق بالماضي العصبوي والنظر له بمناظير لا تعكس الحركة التاريخية لذلك الماضي.
ففي وقت نجحت دول أخرى في تطوير مفهوم المواطنة لديها رغم الصعوبات العرقية والدينية والثقافية، قمنا نحن بتخيل المشكلات أو استيرادها من الخارج، فتكاثر الحديث المجاني والرخيص عن مظلوميات خيالية وخصوصيات افتراضية ليس لها وجود، الأمر الذي ذهبت معه خيرات دولة الرفاه أدراج الرياح وحطت في مجاهل النسيان، وغاب مفهوم المواطنة الحديثة.
www.salahsayer.com