لم يحرق التونسي محمد بوعزيزي نفسه «احتجاجا» على الأوضاع في بلده، بل أحرقها إنكارا لما يحدث هناك وتعبيرا عن الظلم الواقع عليه. وربما ينبغي ضبط هذا المصطلح العربي؟ ذلك ان الحجة هي الدليل والبرهان والمقصد، أما كلمة «الاحتجاج» التي نلوكها ليل نهار فلا تعني التعبير عن رفض المُنكر أو الظلم أو السخط أو الغضب.
ان التعبير عن رفض الواقع وإنكار المُنكر عن طريق إيذاء الجسد كالإضراب عن الطعام في السجون وسيلة معروفة يقدم عليها كل من لا حول له ولا قوة سوى قوته وسلطانه على نفسه، كما اشتهر البوذيون بحرق أنفسهم تعبيرا عن الرفض، أما الإرهابيون فقد تميزوا بشهيتهم المفتوحة لإيذاء الآخرين الأبرياء بتفجيرهم أو حرقهم كوسيلة تعبر عن رفضهم للواقع الذي يعيشونه.
في تونس اعتبر الشعب التونسي الشاب محمد بوعزيزي رمزا للكرامة والحرية، وبعد موته جرت حوادث أخرى مشابهة في دول عربية عدة، وقد يتواصل مسلسل الحرائق الذاتية كوسيلة من وسائل التعبير بعد أن عجز الأدب والسياسة والفن والإعلام العربي عن تحقيق التغيير المأمول، حيث العدالة غائبة ولم يندحر الفساد.
www.salahsayer.com