ينبغي التفريق بين الفساد وسياسة الإفساد، فالأول ـ الفساد ـ كما السوس في الأسنان يستدعي العلاج لتعود السن سليمة الى حالتها الاولى، اما الثانية ـ سياسة الإفساد ـ فضرس منخور متآكل لا حل فيه ولا طب سوى الخلع، ومن يرصد جغرافيا الثورات العربية يدرك ما أرمي اليه.
مكافحة الفساد ممكنة بتحصين القضاء المستقل ودعم حرية الاعلام والتزام الشفافية وتمكين اجهزة مكافحة الفساد، بعكس سياسة الإفساد التي تعتمد عليها، عادة، الأنظمة الأمنية المستبدة «المحرومة من الشرعية القانونية او الشرعية التاريخية»، فالأنظمة التي استولت على الحكم في بلادها تستمد استمراريتها من استمرارية سياسة الإفساد وتخريب الذمم، الأمر الذي يصعب معه غل يد الفساد دون سقوط الأنظمة.
سياسة الإفساد من أشرس ما يمكن ان تواجهه المجتمعات حين تهوي الدولة بأكملها في دوامة فساد جهنمية يتمازج فيها الفساد بالاستبداد، فيسند الواحد الآخر لترابط مصيرهما المشترك، وهكذا تتحول الدولة الى ما يشبه المزرعة الخاصة للمستبد الفاسد، فلا تبقى وسيلة أمام الشعب سوى ثورات الغضب للوصول الى جذر الضرس المعطوب بهدف خلعه.
www.salahsayer.com