بعد تجارب مريرة وعديمة المنفعة ودّعت أكثر المجتمعات والدول المتقدمة نظرية الأمن الخشن التي تعتمد على البطش والترهيب، حيث يمكن ملاحظة تناقص مساحات الصدام بين المدنيين ورجال الشرطة في الدول المتحضرة. بيد أن هذا التحول لم يؤد الى تزايد الانفلات الأمني أو انتشار الجرائم، بل صارت القبضة الأمنية أكثر إحكاما.
حدث ذلك بعد تطور العلوم الأمنية والمناهج البوليسية، فصارت الدول تعتمد نظرية الأمن الناعم الذكي التي استفادت من تقدم تكنولوجيا الاتصال والمراقبة، فما عاد حرس الأسواق يرصدون خطوات الزبائن في المحال، بل كاميرات التصوير، وما عاد الحفاظ على أمن المجتمع يتحقق على يد (الشاويش عطية) كما خبرناه في السينما المصرية.
لقد تزامن انتشار الأمن الناعم مع انتشار مفاهيم حقوق الإنسان في المجتمعات واتساع رقعة الثورة المعلوماتية، فتبدلت الخطوط الحمراء الى خضراء وتمكنت الأجهزة الأمنية من إيجاد بدائل عصرية وقانونية فاعلة تحقق لها هدفها بضبط الأمن وتوفير الأمان، وفي الوقت نفسه، تحصنها من التساقط في حالة التنمر والاستذئاب على الناس الأبرياء العزل.
www.salahsayer.com