لماذا يتقدم بقية البشر ونتراجع نحن في مجتمعاتنا العربية التي تنهكها الخرافات والفوضى وتجاوز القانون، وينتشر فيها الفساد والكذب وعدم احترام الوقت، وتسود فيها ثقافة الكراهية وازدراء الآخرين، وتهدر فيها الثروات، وتتعطل التنمية، وكأنها مجتمعات أدمنت الحران، وعشقت التخلف، وفقدت شهية التحضر؟
***
يرجع الملحدون سبب تخلف الحال العربي إلى الدين، ويخصون الدين الإسلامي تحديدا لأنه يلزمنا بالنقل ومجافاة العقل، والنقل من «ثابت» لا ينفع الحياة «المتحركة»، لذا يتخلف العرب حسب زعمهم.
وعلى عكس الملاحدة يرى الناس المؤمنون ان الإسلام لم يمنع المسلمين الهنود من المشاركة بإيجابية في دولة الهند (متعددة الأديان) في حين شارك المسيحيون العرب في فوضى الحرب الأهلية اللبنانية حالهم حال اللبنانيين المسلمين.
***
الشعوبيون يربطون السبب بالجينات (!) فهي المسؤولة عن تخلف العرب وربما وصفوهم بالهمج الذين لم يشاركوا في الحضارات الإنسانية، وهم عبء ثقيل على البشرية.
وعلى عكس الشعوبيين يقف العروبيون الذين يعددون الأمثلة عن عبقرية الكثير من العلماء العرب ويسهبون بالحديث عن الدولة الفاطمية وعرب الأندلس وحضارة بغداد في الدولة العباسية، متغافلين عن كون جل أولئك العلماء مسلمين لا عربا.
***
بعضنا يرجع سبب التخلف العربي إلى الدولة العثمانية التي هيمنت على مقدرات الناس العرب قرونا طويلة فشجعت الخرافات وأهملت التعليم وأبعدت المجتمعات العربية عن دروب المدنية، وحين تحررت تلك الدول على يد الغرب لم يمكث فيها التنوير طويلا، إذ سرعان ما عادت العتمة إلى العقول، وغداً نواصل البحث عن اسباب تباطؤ العرب عن مسيرة الحضارة.
www.salahsayer.com
@salah_sayer