منذ أكثر من نصف قرن والمنطقة تصغي لنشيج بكائية كبرى تعبر عن مظلومية جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسهم أعضاء (جماعة الإخوان المسلمين) الذين تعرضوا لمحن كثيرة بعد محاولتهم اغتيال جمال عبدالناصر والذي زج بهم في سراديب المعتقلات، ثم تبعه حافظ الأسد في سورية بهجماته الدموية ضد الإخوان في منطقة حماة، فكان كالطاعون حصد أخضر الناس ويابسهم.
****
لست أنكر على المظلوم شكواه، فذلك حقه القانوني والإنساني، كما لا أنكر على المظلومين ترويج مظلوميتهم بغية استمالة الناس إليهم، بيد أني أشير إلى أن الترويج الإسلاموي شطح كثيرا حين وصف الأنظمة العسكرية (خصومه) بأنها أنظمة «علمانية»، ذلك أن العلمانية منزلة حضارية متقدمة لا ترقى إليها تلك الأنظمة البدائية، إضافة إلى أن العلمانية بعيدة عن شطآن العرب الذين لا يزالون عاجزين عن الفصل ما بين العلمانية والإلحاد.
****
على العكس مما تروجه الجماعات الإسلامية فإن الأنظمة العسكرية الانقلابية اختارت المضمار الديني لتزايد فيه على خصومها الإسلامويين حين زادت من الشحن الديني عبر المدارس والإعلام والخطاب الرسمي للدولة الذي خلع على رئيس الدولة صفة (الرئيس المؤمن) أو (حفيد الدوحة المحمدية) وتزايد بناء المساجد حتى فاقت أعداد المساجد التي بنيت في تلك الدول منذ الفتوحات الإسلامية حتى الإعلان عن البلاغ رقم واحد للانقلاب!
****
وصف الأنظمة العسكرية (الثورجية القومجية) بالعلمانية أكذوبة كبرى تجافيها الحقائق الدامغات.
www.salahsayer.com
salah_sayer@