بمناسبة افتتاح عام الحوار بين الثقافات، ألقى مفتي سورية خطابا في البرلمان الأوروبي تحدث فيه عن الحضارة الإنسانية ووصفها بانها حضارة واحدة يتعاون البشر على صناعتها، ووصف الأديان بأنها واحدة أما الشرائع فتتعدد، وأضاف ان الأديان تجمع على قداسة الله وكرامة الإنسان، كما أفاض في الحديث عن الأخوة الإنسانية!
***
الكلمة من حيث المضمون كلمة طيبة بيد أن العلة تكمن في «مكان الخطاب»، ذلك ان اعضاء البرلمان الأوروبي وعموم الشعوب الأوروبية يدركون المفاهيم الحضارية التي تحدث عنها «المفتي العربي»، وعملوا بها منذ أزمان طويلة وتسببت في تطور مجتمعاتهم، ومن يدري فربما صعق اعضاء البرلمان وهم يصغون لرجل يحدثهم عن فضائل يجهلها، ولا تعبر عن ثقافته أو عن المنطقة التي جاء منها.
***
بدا المفتي وكأنه أحد أكلة لحوم البشر يتحدث عن فوائد الطعام النباتي! ولأنه يمثل «الثقافة العربية في حوار الثقافات» تمنيت أنا العربي أنه حدّث البرلمان الأوروبي بصراحة عن مشكلاتنا الثقافية فربما نالت شجاعته احترامهم، أما الحديث عن «الأخوة الإنسانية» فكان عليه أن يختار محفلا عربيا ليحدث فيه الناس العرب الذين يكرهون ويعادون هذه العبارة.
***
على أي حال استطاع سماحة المفتي تحت أنظار العالم ومسامعهم أن يعبر عن حقيقة مرعبة توضح جانبا شائها من جوانب الثقافة العربية حين تحدث «بحماس واضح» عن فضائل لا وجود لها في المجتمعات العربية والمسلمة وكأنه يتمترس في متاريس وهمية وهي ظاهرة معروفة مرصودة في ثقافتنا تتجلى في البناء العقلي على مقدمات أو أساسات افتراضية تهيم في الأخيلة، لهذا سرعان ما ينهدم البناء.
www.salahsayer.com
salah_sayer@